ومن جملة كذبهم قولهم الملائكة بنات الله فلذلك نعبد صورها فاحتج على إبطال معتقدهم بقوله : { لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء } وهو الأفضل يعني البنين لا الأنقص وهن البنات . وقال جار الله : معناه لو أراد اتخاذ الولد لم يزد على ما فعل من اصطفاء ما شاء من خلقه وهم الملائكة ، لأن اتخاذ الولد ممتنع ، وفيه توبيخ لهم على أنهم حسبوا الاصطفاء اتخاذ الأولاد بل البنات . وأقول : إنه تعالى أراد إبطال قولهم بطريق برهان وهو صورة قياس استثنائي كقوله { لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى } لأجل الاتخاذ مما يخلق ما يشاء لكنه ما اصطفى ينتج أنه لم يرد أما الشرطية فظاهرة بعد تسليم كما قدرته ، وأما الثانية فأشار إليها بقوله { سبحانه هو الله الواحد القهار } فقوله { سبحانه } إشارة إلى استحالة اصطفائه شيئاً لأجل اتخاذ الولد . وقوله { هو الله الواحد القهار } إشارة إلى البرهان على استحالة ذلك وتقريره من ثلاثة أوجه : الأول أنه هو الله وهو اسم للمعبود الواجب الذات الجامع لجميه نعوت الجمال والجلال واتخاذ الولد يدل على الحاجة والفقر حتى يقوم الولد بعده مقامه ، أو على الاستئناس والالتذاذ بوجوده أو لغير ذلك من الأغرض ، وكل ذلك ينافي الوجوب الذاتي والاستغناء المطلق . الثاني أنه هو الواحد الحقيقي كما مر ذكره مراراً . والولد إنما يحصل من جزء من أجزاء الوالد ، ومن شرطه أن يكون مماثلاً لوالده في تمام الماهية حتى تكون حقيقة الوالد حقيقة نوعية محمولة على شخصين ، ويكون تعين كل منهما معلوماً لسبب منفصل وكل ذلك ينافي التعين الذاتي والوحدة المطلقة . وأيضاً إن حصول الولد من الزوج يتوقف على الزوجة عادة وهي لا بد أن تكون من جنس الزوج فلا يكون الزوج مما ينحصر نوعه في شخصه . الثالث أنه هو القهار والمحتاج إلى الولد هو الذي يموت فيقوم الولد مقامه والميت مقهور لا قاهر ، فثبت بهذه الدلائل أنه تعالى ما اصطفى شيئاً لأن يتخذه ولداً فصح أنه لم يرد ذلك ، ونفي إرادة الاتخاذ أبلغ من نفي الاتخاذ فقد يراد ولا يتخذ لمانع كعجزه ونحوه . هذا ما وصل إليه فهمي في تفسير هذه الآية والله تعالى أعلم بأسرار كلامه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.