معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓاْ أَمَدٗا} (12)

قوله تعالى : { ثم بعثناهم } ، يعني من نومهم ، { لنعلم } أي : علم المشاهدة { أي الحزبين } أي الطائفتين { أحصى لما لبثوا أمداً } . وذلك أن القرية تنازعوا في مدة لبثهم في الكهف . واختلفوا في قوله { أحصى لما لبثوا } أحفظ لما مكثوا في كهفهم نياماً أمداً ، أي : غاية . وقال مجاهد : عدداً ، ونصبه على التفسير .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓاْ أَمَدٗا} (12)

ثم بين - سبحانه - ما حدث لهم بعد هذا النوم الطويل فقال : { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أحصى لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً } .

وأصل البعث فى اللغة : إثارة الشئ من محله وتحريكه بعد سكون . ومنه قولهم : بعث فلان الناقة - إذا أثارها من مبركها للسير ، ويستعمل بمعنى الإِيقاظ وهو المقصود هنا من قوله : { بعثناهم } أى : أيقظناهم بعد رقادهم الطويل .

وقوله { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ } بيان للحكمة التى من أجلها أيقظهم الله من نومهم .

وكثير من المفسرين على أن الحزبين أحدهما : أصحاب الكهف والثانى : أهل المدينة الذين أيقظ الله أهل الكهف من رقادهم فى عهدهم ، وكان عندهم معرفة بشأنهم .

وقيل : هما حزبان من أهل المدينة الذين بعث هؤلاء الفتية فى زمانهم ، إلا أن أهل هذه المدينة كان منهم حزب مؤمن وآخر كافر .

وقيل : هما حزبان من المؤمنين كانوا موجودين فى زمن بعث هؤلاء الفتية ، وهذان الحزبان اختلفوا فيما بينهم فى المدة التى مكثها هؤلاء الفتية رقوداً .

والذى تطمئن إليه النفس أن الحزبين كليهما من أصحاب الكهف ، لأن الله - تعالى - قد قال بعد ذلك - { وكذلك بعثناهم } أى الفتية { قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ . . } .

قال الآلوسى : { ثم بعثناهم } أى : أيقظناهم وأثرناهم من نومهم { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ } أى : منهم ، وهم القائلون { لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ } والقائلون { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } .

وقيل : أحد الحزبين الفتية الذين ظنوا قلة زمان لبثهم ، والثانى أهل المدينة الذين بعث الفتية على عهدهم وكان عندهم تاريخ غيبتهم . . والظاهر الأول لأن اللام للعهد ، ولا عهد لغير من سمعت .

والمراد بالعلم فى قوله { لنعلم . . } إظهار المعلوم ، أى ثم بعثناهم لنعلم ذلك علما يظهر الحقيقة التى لا حقيقة سواها للناس .

ويجوز أن يكون العلم هنا بمعنى التمييز ، أى : ثم بعثناهم لنميز أى الحزبين أحصى لما لبثوا أبدا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓاْ أَمَدٗا} (12)

9

وأنهم بعثوا من رقدتهم الطويلة . وأنه كان هناك فريقان يتجادلان في شأنهم ثم لبثوا في الكهف فبعثوا ليتبين أي الفريقين أدق إحصاء . وأن قصتهم على غرابتها ليست بأعجب آيات الله . وفي صفحات هذا الكون من العجائب وفي ثناياه من الغرائب ما يفوق قصة أصحاب الكهف والرقيم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓاْ أَمَدٗا} (12)

{ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ } أي : من رقدتهم تلك ، وخرج أحدهم بدراهم معه{[17997]} ليشتري لهم بها طعامًا يأكلونه ، كما سيأتي بيانه وتفصيله ؛ ولهذا قال : { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ } أي : المختلفين فيهم { أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا } قيل : عددًا وقيل : غاية فإن الأمد الغاية كقوله{[17998]} :

سَبَقَ الجَوَاد إذَا اسْتَولى على الأمَد .


[17997]:في ف، أ: "معينة".
[17998]:هو النابغة الذبيانى، والبيت في تفسير الطبري (15/137).