معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓاْ أَمَدٗا} (12)

وَقوله : 103 ا- { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى 12 }

رفعت أيَّا بأحصى لأن العِلْم ليس بواقع على أي ؛ إنما هو : لتعلم بالنظر وَالمسألة وَهو كقولك اذهب فاعلم لي أَيُّهم قام ، أفَلاَ ترى أنك إنما توقع العِلم على مَن تستخبِره . وَيُبيّن ذلك أنك تقول : سَلْ عبدَ الله أَيُّهم قامَ فلو حَذفت عبد الله لكنت له مرِيداً ، وَلمثله من المُخْبِرين .

وَقوله : { أَيُّ الحِزْبَيْنِ } فيقال : إِنَّ طائفتين من المسلمين في دهر أصحاب الكهف اختلفوا في عَدَدهم . وَيقال : اختلف الكفَّار وَالمسلمون . وَأما ( أَحْصَى ) فيقال : أصوب : أي أيّهم قال بالصواب .

وقوله : { أَمَداً } الأمد يكون نصبه على جهتين إن شئت جعلته خرج من { أَحْصَى } مفسِّراً ، كما تقول : أي الحزبين أصوب قولاً وإن شئت أوقعت عليه اللُّبَاث : لِلُباثهم أمَداً .