الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓاْ أَمَدٗا} (12)

وقوله : { لَنَعْلَمَ } [ الكهف : 12 ] عبارة عن خروج ذلك الشيءِ إِلى الوجود ، أي : لنعلم ذلك موجوداً وإِلا فقد كان سبحانه علم أيَّ الحزبَيْن أحْصَى الأمَدَ ، و«الحْزَبان » : الفريقان ، والظاهر من الآية أن الحزب الواحد هم الفتية ، إِذ ظنوا لبثهم قليلاً ، والحزب الثاني هم أهْل المدينة الذين بعث الفتية على عَهْدهم حين كان عنْدَهم التاريخُ بأمْر الفتية ، وهذا قولُ الجمهور من المفسِّرين ، وأما قوله : { أحصى } فالظاهر الجيد فيه أنَّه فعل ماض ، و{ أَمَدًا } منصوبٌ به على المفعول ، «والأمد » : الغاية ، ويأتي عبارةً عن المدَّة ، وقال الزَّجَّاج : { أحصى } هو «أفْعَل » ، ويعترض بأن «أَفْعَل » لا يكون من فْعلِ رباعيٍّ إِلا في الشاذِّ ، و{ أحصى } : فعلٌ رباعيٌّ ويحتجُّ لقول الزَّجَّاج بأن «أفْعَل » من الرباعيِّ قد كثر كقولك : مَا أَعْطَاهُ لِلْمَالِ ، وكقوله عليه الصلاة والسلام في صفة جهنَّمِ : «أَسْود مِنَ القَارِ » وفي صفة حوضِهِ «أَبْيَض مِنَ اللَّبَنِ » .

( ت ) : وقد تقَّدم أن «أسْوَد » من «سود » ، وما في ذلك من النقْدِ ، وقال مجاهدٌ : { أَمَدًا } معناه عدداً ، وهذا تفسيرٌ بالمعنى .