السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓاْ أَمَدٗا} (12)

وقال الزجاج : إذا قل الشيء فهم مقدار عدده فلم يحتج إلى أن يعدّ وإذا كثر أحتاج إلى أن يعدّ { ثم بعثناهم } ، أي : أيقظناهم من ذلك النوم { لنعلم } ، أي : علم مشاهدة وقد سبق نظير هذه الآية في القرآن كثيراً منها ما سبق في سورة البقرة { إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه } [ البقرة ، 143 ] . وفي آل عمران : { يعلم الله الذين جاهدوا منكم } [ آل عمران ، 142 ] وقد نبهنا على ذلك في محله { أيّ الحزبين } ، أي : الفريقين المختلفين في مدّة لبثهم { أحصى لما لبثوا أمداً } واختلفوا في الحزبين المختلفين فقال عطاء عن ابن عباس : المراد بالحزبين الملوك الذين تداولوا المدينة ملكاً بعد ملك وأصحاب الكهف . وقال مجاهد : الحزبان من الفتية أصحاب الكهف لما تيقظوا اختلفوا في أنهم كم لبثوا ويدل له قوله تعالى : { قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم } [ الكهف ، 19 ] فالحزبان هما هذان وكان الذين { قالوا ربكم أعلم بما لبثتم } هم الذين علموا أنّ لبثهم قد تطاول . وقال الفرّاء : إنّ طائفتين من المسلمين في زمان أصحاب الكهف اختلفوا في مدّة لبثهم .

تنبيه : أحصى فعل ماض ، أي : أيهم ضبط أمر أوقات لبثهم وأمّا من جعله أفعل تفضيل فقال في «الكشاف » : ليس بالوجه السديد وذلك أنّ بناءه من غير الثلاثي المجرّد ليس بقياس ونحو أعدى من الجرب وأفلس من ابن المذلق شاذ والقياس على الشاذ في غير القرآن ممتنع فكيف به .