فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِنَعۡلَمَ أَيُّ ٱلۡحِزۡبَيۡنِ أَحۡصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓاْ أَمَدٗا} (12)

{ ثُمَّ بعثناهم } أي : أيقظناهم من تلك النومة { لنعلم } أي : ليظهر معلومنا ، وقرئ بالتحتية مبنياً للفاعل على طريقة الالتفات ، و{ أَيُّ الحِزْبَيْنِ } مبتدأ معلق عنه العلم لما في أيّ من الاستفهام ، وخبره { أحصى } وهو فعل ماض ، قيل : والمراد بالعلم الذي جعل علة للبعث هو : الاختبار مجازاً فيكون المعنى : بعثناهم لنعاملهم معاملة من يختبرهم ، والأولى ما ذكرناه من أن المراد به ظهور معلوم الله سبحانه لعباده ، والمراد بالحزبين : الفريقان من المؤمنين والكافرين من أصحاب الكهف المختلفين في مدة لبثهم . ومعنى أحصى : أضبط . وكأنه وقع بينهم تنازع في مدة لبثهم في الكهف ، فبعثهم الله ليتبين لهم ذلك ، ويظهر من ضبط الحساب ممن لم يضبطه ، و «ما » في { لِمَا لَبِثُوا } مصدرية ، أي : أحصى للبثهم ، وقيل : اللام زائدة ، و«ما » بمعنى : الذي ، و{ أَمَدًا } تمييز ، والأمد : الغاية ، وقيل : إن { أحصى } أفعل تفضيل . وردّ بأنه خلاف ما تقرر في علم الإعراب ، وما ورد من الشاذ لا يقاس عليه كقولهم : أفلس من ابن المذلق ، وأعدى من الجرب . وأجيب بأن أفعل التفضيل من المزيد قياس مطرد عند سيبويه وابن عصفور ، وقيل : إنهم الحزبين هم أصحاب الكهف اختلفوا بعد انتباههم كم لبثوا ، وقيل : إن أصحاب الكهف حزب وأصحابهم حزب . وقال الفراء : إن طائفتين من المسلمين في زمان أصحاب الكهف اختلفوا في مدة لبثهم .

/خ16