معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ لِيَعۡلَمَ أَنِّي لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَيۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي كَيۡدَ ٱلۡخَآئِنِينَ} (52)

فلما سمع ذلك يوسف قال :{ ذلك } ، أي : ذلك الذي فعلت من ردي رسول الملك إليه ، { ليعلم } ، العزيز ، { أني لم أخنه } ، في زوجته ، { بالغيب } ، أي : في حال غيبته ، { وأن الله لا يهدي كيد الخائنين } ، قوله { ذلك ليعلم } من كلام يوسف اتصل بقول امرأة العزيز : { أنا راودته عن نفسه } ، من غير تميز ، لمعرفة السامعين . وقيل : فيه تقديم وتأخير : معناه : ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ، ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب . قيل : لما قال يوسف هذه المقالة ، قال له جبريل : ولا حين هممت بها ؟ فقال يوسف عند ذلك : { وما أبرئ نفسي } . قال السدي : إنما قالت له امرأة العزيز : ولا حين حللت سراويلك يا يوسف ؟ فقال يوسف : { وما أبرئ نفسي } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ لِيَعۡلَمَ أَنِّي لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَيۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي كَيۡدَ ٱلۡخَآئِنِينَ} (52)

ثم وصلت امرأة العزيز حديثها فقال : { ذلك لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بالغيب وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي كَيْدَ الخائنين } .

أى : ذلك الذي قلته واعترفت به على نفسى من أنى راودته عن نفسه ، إنما قلته ليلعم يوسف أنى لم أخنه في غيبته ، ولم أقل فيه شيئاً يسؤوه بعد أن فارقنى ، ولبث بعيدا عنى في السجن بضع سنين ، وإنما أنا أقرر أمام الملك وحاشيته بأنه من الصادقين . . .

وإنما قررت ذلك لأن الله - تعالى - لا يهدى كيد الخائنين ، أى : لا ينفذ كيدهم ولا يسدده ، بل يفضحه ويزهقه ولو بعد حين من الزمان .

لذا فأنا التزمت الأمانة في الحديث عنه ، وابتعدت عن الخيانة ، لأن الله - تعالى - لا يرضاها ولا يقبلها .

فأنت ترى أن هذه المرأة التي شهدت على نفسها شهادة لا تبالى بما يترتب عليها بشأنها ، قد عللت شهادتها هذه بعلتين :

إحداهما : كراهتها أن تخونه في غيبته بعد أن فقد الدفاع عن نفسه وهو في السجن

وثانيتهما : علمها بأن الله - تعالى - لا يهدى كيد الخائنين ولا يسدده ، وإنما يبطله ويزهقه . . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ لِيَعۡلَمَ أَنِّي لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَيۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي كَيۡدَ ٱلۡخَآئِنِينَ} (52)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ } .

يعني بقوله : ذلكَ لِيَعْلَمَ أنّي لَمْ أخْنْهُ بالغَيْبِ هذا الفعل الذي فعلته من ردّي رسول الملك إليه ، وتركي إجابته والخروج إليه ، ومسألتي إياه أن يسأل النّسْوَة اللاتي قطّعْنَ أيْدِيَهُن ، عن شأنهنّ إذ قطعن أيديهن ، إنما فعلته ليعلم أني لم أخنه في زوجته بالغيب : يقول : لم أركب منها فاحشة في حال غيبته عني . وإذا لم يركب ذلك بمغيبه ، فهو في حال مشهده إياه أحرى أن يكون بعيدا عن ركوبه . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : يقول يوسف : ذلكَ لِيَعْلَمَ إطفير سيده ، أنّي لَمْ أخُنْهُ بالغَيْبِ أني لم أكن لأخالفه إلى أهله من حيث لا يعلمه .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ذلكَ لِيَعْلَمَ أنّي لَمْ أخُنْهُ بالغَيْبِ يوسف يقوله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ذَلكَ ليَعْلَمَ أنّي لَمْ أخُنْهُ بالغَيْبِ يوسف يقوله : لم أخن سيدي .

قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ذلكَ لِيَعْلَمَ أنّي لَمْ أخُنْهُ بالغَيْبِ قال يوسف يقوله .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ذلكَ لِيَعْلَمَ أنّي لَمْ أخُنْهُ بالغَيْبِ قال : هذا قول يوسف .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن سالم ، عن أبي صالح ، في قوله : ذلكَ لِيَعْلَمَ أنّي لَمْ أخنْهُ بالغَيْبِ هو يوسف يقول : لم أخن الملك بالغيب .

وقوله : وأنّ اللّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الخائِنِينَ يقول : فعلت ذلك ليعلم سيدي أني لم أخنه بالغيب ، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين : يقول : وأن الله لا يسدّد صنيع من خان الأمانات ، ولا يرشد فعالهم في خيانتهموها . واتصل قوله : ذلكَ ليَعْلَمَ أنّي لَمْ أخُنْهُ بالغَيْبِ بقول امرأة العزيز : أنا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإنّهَ لمِنَ الصّادِقِينَ المعرفة السامعين لمعناه ، كاتصال قول الله تعالى : وكذلكَ يَفْعَلُونَ بقول المرأة : وجعلوا أعزّةَ أهْلِها أذِلّة ، وذلك أن قوله : وكذلكَ يَفْعَلُونَ خبر مبتدإ ، وكذلك قول فرعون لأصحابه في سورة الأعراف : فَمَاذَا تَأْمُرُونِ وهو متصل بقول الملأ : يُرِيدُ أن يُخْرَجَكُمْ مِنْ أرْضِكُمْ . والله أعلم .