نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ذَٰلِكَ لِيَعۡلَمَ أَنِّي لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَيۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي كَيۡدَ ٱلۡخَآئِنِينَ} (52)

ولما انجلى الأمر ، أمر الملك بإحضاره ، ليستعين به فيما إليه{[41805]} من الملك ، لكن لما كانت براءة الصديق أهم من ذلك - وهي المقصود من رد الرسول - قدم بقية الكلام فيها{[41806]} عليه ، وليكون كلامه في براءته متصلاً بكلام النسوة في ذلك ، والذي دل على أن ذلك كلامه ما فيه من الحكم التي لا يعرفها في ذلك الزمان غيره ، فقال - بناء على ما تقديره : فلما رجع الرسول إلى يوسف عليه الصلاة والسلام فأخبره بشهادتهن ببراءته قال - : { ذلك } أي الخلق العظيم في تثبتي في السجن إلى أن تبين الحق { ليعلم } العزيز{[41807]} علماً مؤكداً { أني لم أخنه } أي في أهله ولا في غيرها { بالغيب } أي والحال أن كلاً منا{[41808]} غائب عن صاحبه { و } ليعلم بإقرارها{[41809]} وهي في الأمن والسعة ، وتثبتي وأنا في محل الضيق والخوف ما من شأنه الخفاء عن كل من لم يؤيده الله بروح منه من { إن الله } أي الذي له الإحاطة بأوصاف الكمال { لا يهدي } أي يسدد وينجح بوجه من الوجوه { كيد الخائنين } أي العريقين{[41810]} في الخيانة ، بل لا بد أن يقيم سبباً لظهور الخيانة وإن اجتهد الخائن في التعمية ؛ والخيانة : مخالفة الحق بنقض العهد العام . وضدها الأمانة ، والغدر : نقضه خاصاً ، والمعنى أني لما كنت بريئاً سدد الله أمري ، وجعل عاقبتي إلى خير كبير وبراءة تامة ، ولما كان غيري خائناً ، أنطقه الله بالإقرار{[41811]} بها .


[41805]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: إله.
[41806]:من م، وفي الأصل و ظ ومد: فيما.
[41807]:سقط من ظ.
[41808]:في م: مني.
[41809]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: ما قرارها.
[41810]:في ظ و م: الغريقين.
[41811]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: بالأقدار.