أما قوله سبحانه : { ذلك ليعلم } إلى تمام الآيتين ففيه قولان : الأول - وعليه الأكثرون - أنه حكاية قول يوسف . قال الفراء : ولا يبعد وصل كلام إنسان بكلام إنسان آخر إذا دلت القرينة الصارفة لكل منهما إلى ما يليق به . والإشارة إلى الحداثة الحاضرة بقوله : { ذلك } لأجل التعظيم والمراد ما ذكر من رد الرسول والتثبت وإظهار البراءة . وعن ابن عباس : أنه لما دخل على الملك قال ذلك ، والأظهر أنه قال ذلك في السجن عند عود الرسول إليه . ومحل { بالغيب } نصب على الحال من الفاعل أي وأنا غائب عنه ، أو من المفعول أي وهو غائب عني ، أو على الظرف أي بمكان الغيب وهو الاستتار وراء الأبواب المغلقة . وقيل : هذه الخيانة قد وقعت في حق العزيز فكيف قال ذلك ليعلم الملك ؟ وأجيب بأنه إذا خان وزيره فقد خان الملك من بعض الوجوه ، أو أراد ليعلم الله لأن المعصية خيانة ، أو المراد ليعلم الملك أني لم أخن العزيز ، أو ليعلم العزيز أني لم أخنه وليعلم أن الله لا يهدي كيد الخائنين لا ينفذه ولا يسدده ، وفي تعريض بامرأته الخائنة وبالعزيز حين ساعدها بعد ظهور الآيات على حبسه فكأنه خان حكم الله ، وفيه تأكيد لأمانته وأنه لو كان خائناً لم يهد الله كيده . ولا يخفى أن هذه الكلمات من يوسف مع الشهادة الجازمة والاعتراف الصريح من المرأة دليل على نزاهة يوسف عليه السلام من كل سوء . قال أهل التحقيق : إنه لما راعى حرمة سيدته في قوله : { ما بال النسوة اللاتي } دون أن يقول " ما بال زليخا " أرادت أن تكافئه على هذا الفعل الحسن فلا جرم أزالت الغطاء واعترفت بأن الذنب كله منها ، فنظيره ما يحكى أن امرأة جاءت بزوجها إلى القاضي وادعت عليه المهر فأمر القاضي بأن يكشف عن وجهها حتى يتمكن الشهود من أداء الشهادة . فقال الزوج : لا حاجة إلى ذلك فإني مقر بصدقها في دعواها . فقالت المرأة : لما أكرمني إلى هذا الحد فاشهدوا أني أبرأت ذمته من كل حق لي عليه . ولما كان قول يوسف عليه السلام ذلك ليعلم جارياً مجرى تزكية النفس على الإطلاق أو في هذه الواقعة وقد قال تعالى : { فلا تزكوا أنفسكم } [ النجم : 32 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.