معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَـٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا} (13)

قوله عز وجل :{ وإذ قالت طائفة منهم } أي : من المنافقين ، وهم أوس بني قيظي وأصحابه ، { يا أهل يثرب } يعني المدينة ، قال أبو عبيدة : يثرب : اسم أرض ، ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم في ناحية منها . وفي بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تسمى المدينة يثرب ، وقال : هي طابة ، كأنه كره هذه اللفظة . { لا مقام لكم } قرأ العامة بفتح الميم ، أي : لا مكان لكم تنزلون وتقيمون فيه ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، وحفص : بضم الميم ، أي : لا إقامة لكم ، { فارجعوا } إلى منازلكم عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل : عن القتال إلى مساكنكم . { ويستأذن فريق منهم النبي } وهم بنو حارثة وبنو سلمة ، { يقولون إن بيوتنا عورة } أي : خالية ضائعة ، وهو مما يلي العدو ونخشى عليها السراق . وقرأ أبو رجاء العطاردي عورة بكسر الواو ، أي : قصيرة الجدران يسهل دخول السراق عليها ، فكذبهم الله فقال : { وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً } أي : ما يريدون إلا الفرار .