قوله تعالى : { وَإِذْ قَالت طَّائِفَةٌ مِّنهُمْ } يعني من المنافقين قيل إنهم من بني سليم ، وقيل إنه من قول أوس بن فيظي ومن وافقه على رأيه . ذكر ذلك يزيد بن رومان . وحكى السدي أنه عبد الله بن أُبي وأصحابه .
{ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مَقُامَ لَكُم فَارْجِعُوا } قرأ حفص عن عاصم بضم الميم ، والباقون بالفتح . وفي الفرق بينهما وجهان :
أحدهما : وهو قول الفراء أن المقام بالفتح الثبات على الأمر ، وبالضم الثبات في المكان .
الثاني : وهو قول ابن المبارك انه بالفتح المنزل وبالضم الإقامة .
أحدها : أي لا مقام لكم على دين محمد فارجعوا إلى دين مشركي العرب ، قاله الحسن .
الثاني : لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى طلب الأمان ، قاله الكلبي .
الثالث : لا مقام في مكانكم فارجعوا إلى مساكنكم ، قال النقاش .
والمراد بيثرب المدينة وفيه قولان :
أحدهما : أن يثرب هي المدينة ، حكاه ابن عيسى .
الثاني : أن المدينة في ناحية من يثرب ، قاله أبو عبيدة وقد روى يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن قَالَ المَدِينَةُ يَثْرِبُ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ ، هَي طَابَةُ " ثلاثة مرات .
{ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ } قال السدي : الذي استأذنه منهم رجلان من الأنصار من بني حارثة ، أحدهما أبو عرابة بن أوس ، والآخر أوس بن فيظي . قال الضحاك : ورجع ثمانون رجلاً بغير إذن .
{ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : قاصية من المدينة نخاف على عورة النساء والصبيان من السبي ، قاله قتادة .
الثاني : خالية ليس فيها إلا العورة من النساء ، قاله الكلبي والفراء ، مأخوذ من قولهم قد اعور الفارس إذا كان فيه موضع خلل للضرب قال الشاعر :
له الشدة الأولى إذا القرن أعورا ***
الثالث : مكشوفة الحيطان نخاف عليها السرّاق والطلب ، قاله السدي ، والعرب تقول قد أعور منزلك إذا ذهب ستره وسقط جداره وكل ما كره انكشافه فهو عندهم عورة . وقرأ ابن عباس : إن بيوتنا عَوِرة ، بكسر الواو ، أي ممكنة العورة .
ثم قال : { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } تكذيباً لهم فيما ذكروه .
{ إِن يُريدُونَ إِلاَّ فِرَاراً } يحتمل وجهين :
الثاني : من الدِّين . وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في قبيلتين من الأنصار من بني حارثة وبني سلمة همّوا أن يتركوا مراكزهم يوم الخندق ، وفيهم أنزل الله
{ إذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنكُمْ أن تَفْشَلاَ }
[ آل عمران : 122 ] الآية . فلما نزلت هذه الآية قالوا : والله ما سرّنا ما كنا هممنا به إن كان الله ولينا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.