{ وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ } قال مقاتل : هم بنو سالم من المنافقين وقال السدي هو عبد الله بن أبي وأصحابه ، وقيل هم أوس بن قيظي وأصحابه . والطائفة تقع على الواحد فما فوقه ، والقول الذي قالته هذه الطائفة هو قوله :
{ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ } أي لا موضع ، ولا مكانة إقامة لكم ؛ أو لا إقامة لكم ههنا في العسكر . قرئ ( مقام ) بفتح الميم وبضمها على أنه مصدر من أقام يقيم ، وعلى الأولى هو اسم مكان ، وهما سبعيتان .
قال أبو عبيدة يثرب اسم الأرض ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم في ناحية منها ، قال السهيلي وسميت يثرب لأن الذي نزلها من العمالقة اسمه يثرب بن عميل ، وقيل يثرب اسم لنفس المدينة ، ولم تصرف للعلمية ووزن الفعل فإنها على وزن يضرب .
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد .
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله ، هي طابة ، هي طابة ، هي طابة ) . ولفظ أحمد : إنما هي طابة وإسناده ضعيف . وكأنه صلى الله عليه وسلم كره هذه اللفظة لما فيها من التثريب وهو التقريع ، والتوبيخ .
{ فَارْجِعُوا } أمرهم بالهرب من عسكر النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين خرجوا عام الخندق حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع{[1378]} والخندق بينهم وبين القوم فقال هؤلاء المنافقون ليس ههنا موضع إقامة وأمروا الناس بالرجوع إلى منازلهم بالمدينة ، وسلع جبل خارج المدينة قريب منها بينها وبين الخندق ، وقيل : المعنى ارجعوا عن الإيمان إلى الكفر ، وقيل عن القتال ، والأول أولى { وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ } في الرجوع إلى منازلهم وهم بنو حارثة ، وبنو سلمة .
{ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } أي ضائعة سائبة ، ليست بحصينة ولا ممتنعة من العدو ، وقال ابن عباس مخلية نخشى عليها السرق . وعن جابر نحوه . قال الزجاج يقال : عور المكان يعور عورا وعورة ، وبيوت عورة وعورة وهي مصدر . قال مجاهد ، ومقاتل ، والحسن قالوا : بيوتنا ضائعة نخشى عليها السراق . وقال قتادة : قالوا بيوتنا مما يلي العدو ، ولا نأمن على أهلنا . قال الهروي : كل مكان ليس بممنوع ولا مستور فهو عورة ، والعورة في الأصل الخلل في البناء ونحوه ، بحيث يمكن دخول السارق فيها ، فأطلقت على المختل ، والمراد ذوات عورة وقرئ عورة بكسر الواو أي قصيرة الجدران .
قال الجوهري : العورة كل حال يتخوف منه في ثغر أو حرب ، قال النحاس : يقال أعور المكان إذا تبينت فيه عورة ، وأعور الفارس إذا تبين منه موضع الخلل ، ثم رد الله سبحانه عليهم بقوله :
{ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } فكذبهم الله سبحانه فيما ذكروه ، ثم بين سبب استئذانهم وما يريدونه به فقال :
{ إِن يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا } أي ما يريدون إلا الهروب من القتال ، وقيل المراد ما يريدون إلا الفرار من الدين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.