تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَـٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا} (13)

الآية 13 وقوله تعالى : { وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب } قيل : يثرب المدينة . ويقال : يا أهل يثرب : يا أهل المدينة .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله ثلاثا ، هي طابة ) [ ابن عدي في الكامل 9/165 ] .

ثم قال بعضهم : إن قوله : { وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا } إنما قاله أهل النفاق لبعضهم { لا مقام لكم فارجعوا } ثم يحتمل قوله : { لا مقام لكم فارجعوا } وجهين :

أحدهما : { ما وعدنا الله ورسوله } من الفتح والنصر { إلا غرورا } .

والثاني : { لا مقام لكم فارجعوا } لما يقع عندهم أنهم يصلون إلى ما كانوا يطمعون ، ويأملون ، لأنهم كانوا يخرجون رغبة في الأموال وطمعا فيها ، وهو ما وصفهم : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } الآية [ الحج : 11 ] .

وجائز أن يكون هذا القول من المؤمنين لأهل النفاق . فإن كان من المؤمنين لأولئك فالوجه فيه أنهم أرادوا أن يطردوهم لفشلهم وجبنهم لئلا يهزموا جنود المسلمين بانهزامهم لأنهم قوم همهم الانهزام ، فإذا انهزموا هم انهزم غيرهم . فالمعنى ، إذا كان من المؤمنين لهم ، غير المعنى ، إذا كان [ من ]( {[16520]} ) أهل النفاق { بعضهم لبعض عدو } [ الزخرف : 67 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { ويستأذن فريق منهم النبي } بالرجوع إلى المدينة كقوله : { إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم } [ التوبة : 45 ] .

وقوله تعالى : { يقولون إن بيوتنا عورة } قال بعض أهل التأويل : { بيوتنا عورة } خالية من الناس ، ليس فيها أحد ، فنخاف السرق عليها والأخذ والمكاثرة .

ويحتمل أن يكونوا أرادوا بالعورة دخول العدو عليها إذا كانوا في الجند( {[16521]} ) أي يدخل علينا مكروه مما( {[16522]} ) يحزننا ، ويهمنا ، أو كلام نحو هذا ، فأكذبهم الله في قولهم ، وقال : { وما هي بعورة } بل الله يحفظها على ما وعد حتى لا يدخل عليهم مكروه مما( {[16523]} ) يخافون ، ولا يصيبهم .

وقوله تعالى : { إن يريدون } أي ما يريدون { إلا فرارا } من القتال .


[16520]:ساقطة من الأصل وم.
[16521]:أدرج بعدها في الأصل وم: العورة.
[16522]:في الأصل وم: ما.
[16523]:في الأصل وم: لما.