بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَـٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا} (13)

قوله عز وجل : { وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مّنْهُمْ } يعني : جماعة من المنافقين { مّنْهُمْ يا أهل يَثْرِبَ } يعني : يا أهل المدينة ، وكان اسم المدينة يثرب ، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة { لاَ مُقَامَ لَكُمْ } قرأ عاصم : بضم الميم . وقرأ الباقون : بالنصب . فمن يقرأ بالضم فمعناه : لا إقامة لكم . ومن قرأ بالنصب ، فهو بالمكان أي : لا مكان لكم تقومون فيه ، والجمع : المقامات . وكان أبو عبيدة يقرأ بالنصب ، لأنه يحتمل المقام والمكان جميعاً . يعني : أن المنافقين قالوا : خوفاً ورعباً منهم : لا مقام لكم عند القتال . { فارجعوا } يعني : فانصرفوا إلى المدينة { وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مّنْهُمُ النبي } وهم بنو حارثة وبنو سلمة ، وذلك أن بيوتهم كانت من ناحية المدينة { يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } يعني : ضائعة ، نخشى عليها السراق . ويقال : معناه أن بيوتنا مما يلي العدو ، وإنا لا نأمن على أهالينا . وقال القتبي : أصل العورة ما ذهب عنه الستر والحفظ ، وكان الرجال ستراً وحفظاً للبيوت . فقالوا : { إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } يعني : خالية ، والعرب تقول : اعور منزلك أي : إذا سقط جداره .

يقول الله تعالى : { وَمَا هِي بِعَوْرَةٍ } لأن الله عز وجل يحفظها ، يعني : وما هي بخالية { إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً } أي : ما يريدون إلا فراراً من القتال .