قوله : { وَإِذْ قَالَت طَائِفَةٌ مِنْهُمْ } أي من المنافقين «وهم أوس بن قيظي وأصحابه »{[43209]} { يا أهل يَثْرِبَ } يعني المدينة ، قال أبو عبيد( ة ){[43210]} : يَثْرِبُ : اسم أرض ومدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم{[43211]} - في ناحية منها ، وفي بعض الأخبار : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تسمى المدينةُ يَثْرِبَ{[43212]} ، وقال : هي طابة » كأنه كره هذه اللفظة ، وقال أهل اللغة{[43213]} : يثرب اسم المدينة ، وقيل : اسم البقعة التي فيها المدينة ، وامتناع صرفها إما للعلمية والوزن{[43214]} أو للعلمية والتأنيث ، وأما يَتْرَب - بالتاء المثناة وفتح الراء فموضع ضع آخر باليمن{[43215]} ، قال الشاعر :
4072 - وَعَدْتَ وَكَانَ الخُلْفُ مِنْكَ سَجِيَّةً *** مَواعِيدَ عُرْقُوب أَخَاء بِيَتْرَبِ{[43216]}
4073 - وَقَدْ وَعَدْتُكَ مَوْعِداً لوقت *** مواعيد عرقوب أخاه بيترب{[43217]}
{ لاَ مُقَامَ لَكُمْ } قرأ حفصٌ ، وأبو عبد الرحمن السُّلَمِيّ بضم الميم ، ونافعٌ وابنُ عامر بضم ميمه أيضاً في الدخان{[43218]} في قوله : { إِنَّ المتقين فِي مُقَامٍ }{[43219]} ولم يختلف في الأولى أنه بالفتح وهو «مقام كريم » والباقون بفتح الميم في الموضعين{[43220]} ، والضم والفتح مفهومان من سورة مريم عند قوله : { خَيْرٌ مَقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } [ مريم : 73 ] فمعنى الفتح لا مكان لكم تنزلون به وتقيمون فيه . ومعنى الضم لا إقامة لكم فارجعوا إلى منازلكم عن اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم {[43221]}- . وقيل : عن القتال إلى منازلكم{[43222]} . { وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النبي } هم بنو حارثة وبنو سلمة { يقولون إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } أي خالية ضائعة{[43223]} ، وهي مما يلي العدو ويخشى عليها السُّراق{[43224]} .
قوله : «عَورةٌ » أي ذاتُ عورة ، وقيل : منكشفة أي قصيرة{[43225]} الجُدْرَان للسارق وقال الشاعر :
4074 - لَهُ الشِّدَّةُ الأُولَى إِذَا القَرْنُ أَعْوَرَا{[43226]} *** . . .
وقرأ ابن عباس وابنَ يَعْمُرَ وقتادةُ وأبو رجاء وأبو حَيْوَة وآخرون : عَورة بكسر الواو وكذلك { وَمَا هِيَ بِعَورَةٍ }{[43227]} ، وهما اسم فاعل{[43228]} ، يقال : عَوِرَ المنزلُ : يَعْوِرُ عَوَراً وعَوِرَة فهو عَوِرٌ ، وبيوتٌ عَوِرَةٌ ، قال ابن جني : تصحيح الواو شاذ ، يعني حيث تحركت وانفتح ما قبلها ولم تقلب ألفاً{[43229]} ، وفيه نظر لأن شرط ذاك في الاسم الجاري على الفعل أن يعتل فعله نحو مَقَامٍ ومَقَالٍ ، وأما هذا ففعله صحيح نحو عَوِرَ{[43230]} ، وإنما صح الفعل وإن كان فيه مقتضى الإعلال لِمَدْرَكٍ آخر وهو أنه في معنى ما لا يعل{[43231]} وهو «أعور » ولذلك لم نتعجب من «عور » وبابه ، وأعْوَرَّ المَنْزِلُ : بدت عَوْرَتُهُ ، واعورَّ الفارس بدا منه خلله{[43232]} للضَّرْبِ قال الشاعر :
4075 - مَتَى تَلْقَهُمْ لَمْ تَلْقَ فِي البَيْتِ مُعْوَراً *** وَلاَ الصَّيْفَ مَسْجُوراً ولاَ الجَارَ مُرْسَلاً{[43233]}
ثم كذبهم الله تعالى فقال : { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.