الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَـٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا} (13)

ثم قال تعالى : { وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم } أي : قال طائفة من المنافقين : يا أهل يثرب لا تقيموا مع النبي وارجعوا إلى منازلكم ، ويثرب اسم أرض ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم في ناحية من يثرب .

ثم قال : { ويستأذن فريق منهم النبي } أي : يستأذن طائفة من المنافقين النبي في الانصراف إلى منزلهم اعتلالا بالخوف على منزله من السرق ، وليس به إلا الفرار والهرب .

قال ابن عباس : هم بنو حارثة{[55360]} قالوا : بيوتنا مخلاة نخاف عليها السرق{[55361]} .

قال قتادة : يقولون بيوتنا مما يلي العدو وإنا نخاف عليها السرق{[55362]} .

ففضحهم الله وقال : { وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا } أي : ما يريدون إلا الهرب .

يقال : أعور المنزل إذا ضاع ولم يكن ما يستره أو سقط جداره . وقرأ يحيى بن يعمر{[55363]} وأبو رجاء " عورة " بكسر الواو{[55364]} فمعنى عورة : ضائعة .

وقيل : معنى قراءة الإسكان : إن بيوتنا ذات عورة{[55365]} ، يقال للمرأة : عورة ، فالمعنى ذات نساء نخاف عليهن العدو .

ويجوز أن تكون عورة مسكنة من " عورة " {[55366]} .

ويجوز أن تكون مصدرا{[55367]} .

ويجوز أن تكون اسم فاعل على السعة ، كما يقال : رجل عدل أي عادل{[55368]} .


[55360]:بنو حارثة بطن بن الأوس، وهم بنو حارثة بن الخزرج بن عمرو النبيت، من هذه القبيلة رافع ابن خديج والبراء بن عازب. انظر: نهاية الأرب 224، ومعجم قبائل العرب 1/233.
[55361]:انظر: جامع البيان 21/135، والمحرر الوجيز 13/56، والجامع للقرطبي 14/148، وتفسير ابن كثير 3/474
[55362]:انظر: جامع البيان 21/136
[55363]:هو يحيى بن يعمر العدواني أبو سليمان، ولد بالأهواز وسكن البصرة، كان من علماء التابعين عارفا بالحديث والفقه ولغات العرب. توفي بالبصرة سنة 129 هـ انظر: وفيات الأعيان 6/173، 797 وغاية النهاية 2/381، ، 3873، وبغية الوعاة 2/345، 2150
[55364]:انظر: المحتسب 2/176، والبحر المحيط 7/218. وهذه القراءة منسوبة أيضا إلى ابن عباس وعبد السلام أبي طالوت عن أبيه وقتادة، وقد علق عليها ابن جني بقوله: "صحة الواو في هذا شاذة من طريق الاستعمال وذلك أنه متحركة بعد فتحة فكان قياسها أن تقلب ألفا فيقال عارة كما قالوا: رجل مال وامرأة مالة... ومثل "عورة" في صحة واوها قولهم رجل عور لوز أي لا شيء له. وقول الأعشى: وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني شاو ومشل شلول شلشل شول. فكأن "عورة" أسهل من ذلك شيئا لأنها كانت جارية على قولهم: "عور" الرجل فهو بلفظه والمعنيان ملتقيان لأن المنزل إذا أعور فهناك إخلال واختلال" انظر: المحتسب 2/176
[55365]:انظر: مشكل الإعراب لمكي 2/573
[55366]:قال مكي في مشكل الإعراب 2/573: "إن عورة" يجوز أن يكون اسم فاعل أصله عورة ثم أسكن تخفيفا.
[55367]:انظر: مشكل الإعراب لمكي 2/573
[55368]:انظر: المصدر السابق.