معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا} (19)

{ وأنه } قرأ نافع وأبو بكر بكسر الهمزة ، وقرأ الباقون بفتحها { لما قام عبد الله } يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، { يدعوه } يعني يعبده ويقرأ القرآن ، ذلك حين كان يصلي ببطن نخلة ويقرأ القرآن ، { كادوا } يعني الجن ، { يكونون عليه لبدا } أي يركب بعضهم بعضاً ، ويزدحمون حرصاً على استماع القرآن . هذا قول الضحاك ورواية عطية عن ابن عباس . وقال سعيد بن جبير عنه : هذا من قول النفر الذين رجعوا إلى قومهم من الجن أخبروهم بما رأوا من طاعة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واقتدائهم به في الصلاة . وقال الحسن وقتادة وابن زيد يعني لما قام عبد الله بالدعوة تلبدت الإنس والجن ، وتظاهروا عليه ليبطلوا الحق الذي جاءهم به ، ويطفئوا نور الله ، فأبى الله إلا أن يتم نوره ، ويتم هذا الأمر ، وينصره على من ناوأه . وقرأ هشام عن ابن عامر : { لبداً } بضم اللام ، وأصل اللبد : الجماعات بعضها فوق بعض ، ومنه سمى اللبد الذي يفرش لتراكمه ، وتلبد الشعر : إذا تراكم .