النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا} (19)

{ وأنه لما قام عبدُ اللَّهِ يدعوه } يعني محمداً ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنه قام إلى الصلاة يدعو ربه فيها ، وقام أصحابه خلفه مؤتمين ، فعجبت الجن من طواعية أصحابه له ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنه قام إلى اليهود داعياً لهم إلى اللَّه ، رواه ابن جريج .

{ كادوا يكونون عليه لِبَداً } فيه وجهان :

أحدهما : يعني أعواناً ، قاله ابن عباس .

الثاني : جماعات بعضها فوق بعض ، وهو معنى قول مجاهد ، ومنه اللبد لاجتماع الصوف بعضه على بعض ، وقال ذو الرمة :

ومنهلٍ آجنٍ قفرٍ مواردهُ *** خُضْرٍ كواكبُه مِن عَرْمَض لَبِدِ{[3109]} .

وفي كونهم عليه لبداً ثلاثة أوجه :

أحدها : أنهم المسلمون في اجتماعهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن جبير . الثاني : أنهم الجن حين استمعوا من رسول اللَّه قراءته ، قاله الزبير بن العوام . الثالث : أنهم الجن والإنس في تعاونهم على رسول اللَّه في الشرك ، قاله قتادة .


[3109]:البيت في ديوان ذي الرمة 201. آجن: يقال أجن الماء إذا فسد وتغير طعمه. كواكبه: جمع كوكب وهو هنا بمعنى معظم. عرمض: جعفر: الطحلب. لبد: مجتمع بعضه فوق بعض.