الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا} (19)

{ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ } يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم { يَدْعُوهُ } يقول : لا إله إلاّ الله ويدعوا إليه ويقرأ القرآن { كَادُواْ } يعني : الجن { يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } أي يركبون بعضهم بعضاً ، ويزدحمون ويسقطون حرصاً منهم على استماع القرآن .

قاله الضحاك ورواه عطية عن ابن عباس .

سعيد بن جبير عنه : هذا من قول النفر من الجن لما رجعوا إلى قومهم أخبروهم بما رأوا من طاعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له واهتمامهم به في الركوع والسجود واقتدائهم به في الصلاة .

وقال الحسن وقتادة وابن زيد : يعني لما قام عبد الله بالدعوة تلبّدت الجن والإنس ، وتظاهروا عليه ليبطلوا الحقّ الذي جاءهم به ، ويطفئوا نور الله فأبى الله إلاّ أن يتم هذا الأمر وينصره ويظهره على من ناواه .

وأصل اللبد : الجماعات بعضها فوق بعض ، ومنه قيل للجراد الكبير : لبدٌ ، وتلبد الشعر إذا تراكم . ومنه سمي اللبد لبداً ، كما ويقال للشعر على الأسد : لبدة وجمعها لبدٌ ، قال زهير :

لدى أسد شاك السلاح خبان *** له لبد أظفاره لم تُقلّم

وفيه أربع لغات : لِبَدٌ بكسر اللام وفتح الباء و [ هي ] قراءة العامة واختيار أبي عبيدة وأبي حاتم واحدتها لِبدة بكسر اللام ، ولُبد بضم اللام وفتح الباء وهي قراءة مجاهد وابن محيص وواحدتها لبدة بضم اللام ، ولُبُد بضم اللام والباء وهي قراءة أبي حيوة واحدتها لبيد ، ولُبّد بضم اللام وتشديد الباء وهي قراءة الحسن وأبي جعفر وواحدها لابد مثل راكع رُكع وساجد وسُجد .