الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا} (19)

- ثم قال : ( وإنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا )

أي : لما قام ( محمد يدعو الله ) {[70942]} يقول : لا إله إلا الله ، كاد الجن يكونون على محمد لبدا ، أي جماعات بعضها فوق بعض {[70943]} .

وواحد لبد : لبدة {[70944]} . ويقال : لُبد –بضم اللام- واحدها {[70945]} لُبدة {[70946]} ، فمن كسر[ ( وإنه ) ] {[70947]} جعله من وقول الجن إخبارا من الله لنا عن قولهم ذلك ، ويكون المعنى على ما قال ابن جبير أن الجن رأوا {[70948]} النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأصحابه يصلون بصلاته فعجبوا من طوعهم له فقالوا لقومهم : وإنه لما قام عبد الله كاد أصحابه يكونون عليه لِبدا {[70949]} .

ويجوز الكسر {[70950]} ، وهو من كلام الله ، لا حكاية عن الجن ويكون المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام يدعو إلى الله كاد الجن يكونون عليه لِبدا .

فأما من فتح فهو كلام الله أيضا على هذا المعنى ، أي : كاد الجن [ يركبون محمد من الحرص ] {[70951]} لما سمعوه يتلو القرآن فدنوا منه حتى كادوا يركبونه ، هذا معنى قول ابن عباس والضحاك {[70952]} ، فيكون الضميران في ( كادوا يكونون ) {[70953]}للجن .

وعن ابن عباس أيضا أن معناه ( أن ) {[70954]} الجن قالوا لقومهم ، إن محمدا لما قام يدعو الله كاد أصحابه يركبونه لتقربهم منه وطوعهم له ، فيكون الضميران لأصحاب النبي صلى الله عليه سلم وهو قول ابن جبير {[70955]} .

[ وعن ابن عباس ( لبدا ) : أعوانا ] {[70956]} .

وقال قتادة : معناه أن الله أعلم أن الجن والإنس يتظاهرون عليه ليبطلوا ما جاءهم( به ) {[70957]} لما دعا إلى الله ، والله ناصره عليهم {[70958]} .

وقيل : إن ذلك للعرب خاصة أرادوا أن يطفئوا النور الذي جاء به النبي صلة الله عليه وسلم وهو اختيار الطبري {[70959]} .

/خ20


[70942]:- انظر جامع البيان 29/117.
[70943]:- انظر : الغريب لابن قتيبة"491.
[70944]:- أ: وواحدها.
[70945]:- انظر: جامع البيان 29/117 واللسان( لبد).
[70946]:- م: فانه.
[70947]:- أ: روى
[70948]:- انظر: جامع البيان 29/118.
[70949]:- ث: ويجوز أن يكون الكسر.
[70950]:- انظر: جامع البيان 29/118, وتفسير القرطبي 19/23 والدر8/307.
[70951]:- أ: كادوا ويكونون, وهو أوضح.
[70952]:- م: يركبون محمدا لما سمعوا القرآن من الحرص.
[70953]:- ساقط من أ.
[70954]:- انظر جامع البيان 29/118 وتفسير القرطبي 19/23.
[70955]:- انظر: تفسير الماوردي 4/328.
[70956]:- ساقط من م, ث. وانظر: المصدر السابق والبحر 8/353.
[70957]:- ساقط من أ.
[70958]:- انظر: جامع البيان 29/118-119 وفيه أنه قول ابن زيد أيضا.
[70959]:- انظر: المصدر السابق, وقد عضد الطبري اختياره بأقوال أخرجها عن ابن عباس وابن جبير ومجاهد وابن زيد والحسن ولا يناسب- في مقام الاستدلال على اختياره- إلا قول الحسن- حيث قال" لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"لا إله إلا الله ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تكون عليه جميعا. أما الأقوال الأخرى فإنما تبين معنى اللبد, لا من تلبد. انظر: جامع البيان 29/119.