الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا} (19)

أخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة إلى نواحي مكة فخط لي خطاً وقال : «لا تحدثن شيئاً حتى آتيك » ، ثم قال : «لا يهولنك شيء تراه » فتقدم شيئاً ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم رجال الزطّ ، وكانوا كما قال الله تعالى : { كادوا يكونون عليه لبداً } .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { وأنه لما قدم عبد الله كادوا يكونون عليه لبداً } قال : لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتلوا القرآن كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه يتلو القرآن ، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل يقرئه { قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الزبير بن العوام مثله .

وأخرج عبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن جرير وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله : { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً } قال : لما أتى الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فعجبوا من طواعية أصحابه له ، فقالوا لقومهم : { لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً } .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : { وأنه لما قام عبد الله يدعوه } أي يدعو إليه .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً } قال : لما قام نبي الله صلى الله عليه وسلم تلبدت الإِنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله إلا أن ينصره ويظهره على من ناوأه .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن { وأنه لما قام عبد الله يدعوه } قال : لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا إله إلا الله ، ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تلبد عليه جميعاً .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { كادوا يكونون عليه لبداً } قال : أعواناً .

وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي بكر عن أبي عاصم أنه قرأ { يكونون عليه لبداً } بكسر اللام ونصب الباء وفي { لا أقسم بهذا البلد } { مالاً لبداً } [ البلد : 6 ] برفع اللام ونصب الباء ، وفسرها أبو بكر فقال : ( لبداً ) كثيراً و ( لبداً ) بعضها على بعض .