{ قال رب اجعل لي آية } علامة أعرف بها الحبل لاستقبله بالبشاشة والشكر وتزيح مشقة الانتظار . { قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام } أي لا تقدر على تكليم الناس ثلاثا ، وإنما حبس لسانه عن مكالمتهم خاصة ليخلص المدة لذكر الله تعالى وشكره ، قضاء لحق النعمة وكأنه قال آيتك أن يحبس لسانك إلا عن الشكر وأحسن الجواب ما اشتق من السؤال . { إلا رمزا } إشارة بنحو يد أو رأس ، وأصله التحرك ومنه الراموز للبحر والاستثناء منقطع وقيل متصل والمراد بالكلام ما دل على الضمير . وقرئ { رمزا } بفتحتين كخدم جمع رامز ورمزا كرسل جمع رموز على أنه حال منه ومن الناس بمعنى مترامزين كقوله :
متى ما تلقني فردين ترجف *** روانف أليتيك وتستطارا
{ واذكر ربك كثيرا } في أيام الحبسة ، وهو مؤكد لما قبله مبين للغرض منه ، وتقييد الأمر بالكثرة يدل على أنه لا يفيد التكرار . { وسبح بالعشي } من الزوال إلى الغروب . وقيل من العصر أو الغروب إلى ذهاب صدر الليل . { والإبكار } من طلوع الفجر إلى الضحى . وقرئ بفتح الهمزة جمع بكر كسحر وأسحار .
قوله : { قال رب اجعل لي آية } أراد آية على وقت حصول ما بُشِّر به ، وهل هو قريب أو بعيد ، فالآية هي العلامة الدالة على ابتداء حمل زوجه . وعن السدي والربيع : آيةَ تحقق كون الخطاب الوارد عليه وارداً من قبل الله تعالى ، وهو ما في إنجيل لوقا . وعندي في هذا نظر ، لأنّ الأنبياء لا يلتبس عليهم الخطاب الوارد عليهم من الله ويعلمونه بعلم ضروري .
وقوله : { آياتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا } جعل الله حُبْسة لسانه عن الكلام آية على الوقت الذي تحمل فيه زوجته ، لأنّ الله صرف ما لَه من القوة في أعصاب الكلام المتصلة بالدمَاغ إلى أعصاب التناسل بحكمة عجيبة يقرب منها ما يذكر من سقوط بعض الإحساس لمن يأكل البَلاذر لقوة الفكر . أوْ أمرِه بالامتناع من الكلام مع الناس إعانة على انصراف القوة من المنطق إلى التناسل ، أي متى تمت ثلاثة الأيام كان ذلك أمارة ابتداء الحمل . قال الربيع جعل الله ذلك له عقوبة لتردّده في صحة ما أخبره به الملَك ، وبذلك صرح في إنجيل لوقا ، فيكون الجواب على هذا الوجه من قبيل أسلوب الحكيم لأنه سأل آيةً فأعطي غيرها .
وقوله : { واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشي والإبكار } أمر بالشكر . والذِّكر المراد به : الذِّكر بالقلب والصلاةِ إن كان قد سلب قوة النطق ، أو الذكر اللساني إن كان قد نهي عنها فقط . والاستثناء في قوله إلاّ رمزاً استثناء منقطع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.