تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمۡزٗاۗ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ كَثِيرٗا وَسَبِّحۡ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (41)

الآية 41 : وقوله تعالى : { قال رب اجعل لي آية } طلب من ربه آية لما{[3813]} لعله لم يعرف أن تلك البشارة بشارة الملائكة أو وساوس

[ إبليس ]{[3814]} ، فطلب آية ليعرف أن تلك البشارة بشارة الملائكة من الله جل وعلا لا بشارة إبليس لأنه لا يقدر أن يفتعل في الآية لأن فيها تغير الخلقة والجوهر ، وهم لا يقدرون على ذلك ، أو{[3815]} لعلهم يقدرون على الافتعال بالبشارة . ألا ترى أن إبراهيم ، صلوات الله على نبينا وعليه ، لما نزل به الملائكة لم يعرفهم بالكلام ، وهابهم{[3816]} حتى { قال إنكم قوم منكرون } [ الحجر : 63 ] و{[3817]}

{ قالوا لا تخلف إنا أرسلنا إلى قوم لوط } [ هود : 70 ] فذهب ذلك الروع منه بعدما أخبروه أنهم ملائكة ، رسل الله ، أرسلهم إليه .

وقوله تعالى : { قال آيتك ألا تلكم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا } قال بعضهم أهل التفسير : حبس لسانه عقوبة له بقوله : { أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر } لكن ذلك ، خطأ ، والوجوه فيه منعه من تكليم الناس ، ولم يمنعه عن الكلام في نفسه . ألا ترى أنه أمره أن يذكر ربه ، ويسبح بالعشي والإبكار بقوله{[3818]} : { واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار } ؟ ويحتمل أن يكون أراه آية في نفسه من نوع [ ما كان سؤاله إذا ]{[3819]} كان عن العلم بالولد في غير حينه ، فأراه [ أن منع ]{[3820]} اللسان عن النطق هو {[3821]} أعلى أحوال الاحتمال ليكون آية للأول .

وقيل : في قوله : { رب اجعل لي آية } إنه طلب آية لجهله بعلوق الولد ، وليعرف{[3822]} متى يأتيها .

وقوله تعالى : { إلا رمزا } قيل : الرمز تحريك الشفتين ، وقيل : هو الإيماء بشفتيه ، وقيل : هو الإشارة بالرأس ، وقيل : هو الإشارة باليد ، والله أعلم بذلك .


[3813]:ساقطة من م.
[3814]:ساقطة من الأصل وم.
[3815]:في الأصل وم: علو.
[3816]:في الأصل وم: وهابوه.
[3817]:في الأصل وم: حتى.
[3818]:في الأصل وم: كقوله.
[3819]:من م.
[3820]:في الأصل وم: يمنع.
[3821]:في الأصل وم: و.
[3822]:في الأصل وم: وجعلها ليعرف.