تفسير الأعقم - الأعقم  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمۡزٗاۗ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ كَثِيرٗا وَسَبِّحۡ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (41)

{ قال آيتك أن لا تكلم } لا تقدر على كلام { الناس ثلاثة أيام } وإنما خص كلام الناس ليعلمه أنه يحبس لسانه عن القدرة على تكليمهم خاصَّةً مع إبقاء قدرته على الثناء بالذكر لله تعالى { إلا رمزاً } يعني إلا إشارة بيدك أو غيرها { وسبِّح بالعشي } من حين تزول الشمس إلى حين تغيب { والإِبكار } من حين طلوع الفجر إلى وقت الضحى .

قال في تفسير الهادي : يحيى بن الحسين ( عليه السلام ) وسألت عن يحيى ( عليه السلام ) والخبر الذي بلغ عنه هو أن اليهود لعنهم الله تعالى لما أن طلبوه دخل الشجرة فلحقوه فنشروه بالمنشار وأما الذي نوثق به ونصححه فإنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لمّا وصل إلى الأكانع يدعوهم إلى الله تعالى كان فيهم ملك جبار عنيد ، فلما كان ذات يوم وهو يدعو الخلق إلى الله تعالى ويحضهم على طاعته ويقيم عليهم حجج ربه ، إذ جاءت إليه امرأة على فرس ذات جمال وهيئة ، قاصدة إلى الملك فقيل ليحيى ( عليه السلام ) : إن هذه المرأة يفسق بها هذا الظالم وهي تختلف إليه كذلك فوثب إليها ( عليه السلام ) ورماها بالحصى وقال : يا عدوة الله تجاهرين بمعصية الله ووعظها مع كلام طرحه ( عليه السلام ) لها ، فلما دخلت على الملك دخلت غضبانة فسألها عن خبرها فأخبرته بما فعل يحيى بن زكريا ( عليه السلام ) وامتنعت من الوقوف عنده والانبساط إليه حتى يقتل لها يحيى

( عليه السلام ) ، فأرسل الطغاة له فنشروه بالمنشار طلباً لرضى الفاجرة لما كان من فعله بها ، فلم يمنع الطغاة عنه أحد من أهل ذلك الدهر منه ، ولم ينكر فعله عليه ، فأقام دمُّه يعلو على الأرض جهراً ، فلما أن قال بخت نصر وظهر على البلد قال : ما بال هذا الدم يعلو ؟ فقيل له : إنه على ما تعاين دهراً وحيناً طويلاً وأعلموه بالسبب ، فقال : إن لهذا الدم لأمراً وشأناً فلأقتلن جميع أهل البلد فأقبل يقتلهم على الدم والدم يطفح على دمائهم ويعلو حتى قتل مائة ألف إلا واحداً والدم يعلو على حاله يعلُو على الدماء ، فقال : اطلبوا فقيل له : لم يبق من القوم أحد ، فأمر بالطلب فلم يزالوا يطلبوا حتى وجدوا رجلاً متحيزاً في غارٍ فضربوا عنقه على الدم ، فلما أن قتل سكن الدم عند كمال مائة ألف ، هذا ما كان من خبره ( عليه السلام ) رواه في تفسير الهادي ( عليه السلام ) .