التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{فَلَوۡلَا كَانَتۡ قَرۡيَةٌ ءَامَنَتۡ فَنَفَعَهَآ إِيمَٰنُهَآ إِلَّا قَوۡمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُواْ كَشَفۡنَا عَنۡهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَتَّعۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ حِينٖ} (98)

قوله تعالى { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين } .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين } ، يقول : لم يكن هذا في الأمم قبلهم ، لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب ، فتركت ، إلا قوم يونس ، لما فقدوا نبيهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم ، قذف الله في قلوبهم التوبة ، ولبسوا المسوح ، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها ، ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة . فلما عرف الله الصدق من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم ، كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم قال : وذكر لنا أن قوم يونس كانوا بنينوى أرض الموصل .

قال ابن كثير : واختلف المفسرون هل كشف عنهم العذاب الأخروي مع الدنيوي أو إنما كشف عنهم في الدنيا فقط ؟ على قولين :

( أحدهما ) إنما كان ذلك في الحياة الدنيا كما هو مقيد في هذه الآية .

( والثاني ) فيهما لقوله تعالى { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون . فآمنوا فمتعناهم إلى حين } فأطلق عليهم الإيمان . والإيمان منقذ من العذاب الأخروي وهذا هو الظاهر والله أعلم .

قال الشيخ الشنقيطي : ظاهر هذه الآية الكريمة أن إيمان قوم يونس ما نفعهم إلا في الدنيا دون الآخرة ، لقوله : { كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا } ويفهم من مفهوم المخالفة في قوله { في الحياة الدنيا } أن الآخرة ليست كذلك ، ولكنه تعالى أطلق عليهم إسم الإيمان من غير قيد في سورة " الصافات " والإيمان منقذ من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، كما أنه بيّن في " الصافات " أيضا كثرة عددهم وكل ذلك في قوله تعالى : { وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين } .