التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (4)

سورة الروم

قوله تعالى { الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : { الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون } غلبتهم فارس ، ثم غلبت الروم { في أدنى الأرض } في طرف الشام .

قال البخاري : حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سفيان ، حدثنا منصور والأعمش ، عن أبي الضحى عن مسروق قال : بينما رجل يُحدّث في كندة فقال : يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم يأخذ المؤمن كهيئة الزكام ، ففزعنا . فأتيت ابن مسعود وكان متكئا ، فغضب فجلس فقال : من علم فليقل ، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم : لا أعلم ، فإن الله قال لنبيه { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين } . وإن قريشا أبطأوا عن الإسلام ، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اللهم أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف ، فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام ، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان ، فجاءه أبو سفيان فقال : يا محمد ، جئت تأمرنا بصلة الرحم ، إن قومك قد هلكوا ، فادع الله . فقرأ { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين } إلى قوله { عائدون } أفيُكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء ، ثم عادوا إلى كفرهم فذلك قوله تعالى { يوم نبطش البطشة الكبرى } يوم بدر . و{ لزاما } يوم بدر { الم غلبت الروم } إلى { سيغلبون } والروم قد مضى .

( صحيح البخاري 8/ 370- ك التفسير- سورة الروم ح 4774 ) .

قال الترمذي : حدثنا الحسين بن حريث ، حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله تعالى { الم غلبت الروم في أدنى الأرض } قال : غَلبَت وغُلبت ، كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم لأنهم وإياهم أهل أوثان ، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب ، فذكروه لأبي بكر ، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أما إنهم سيَغلبون ، فذكره أبو بكر لهم ، فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلا ، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا ، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا ، فجعل أجل خمس سنين فلهم يظهروا ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ألاّ جعلته إلى دون ، قال : أراه العَشْر ، قال أبو سعيد : والبضع ما دون العشر ، قال : ثم ظهرت الروم بعد . قال : فذلك قوله تعالى { الم غلبت الروم } إلى قوله { يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء } قال سفيان : سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب ، وإنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن حبيب ابن أبي عَمرة . ( السنن 5/343-345- ك التفسير ، ب سورة الروم ح 3193 ) ، وصححها الألباني في ( صحيح سنن الترمذي ح 2551 ) ، وأخرجه أحمد ( المسند 1/ 276 ) ، والنسائي ( التفسير 2/149 ح409 ) ، والطبري ( التفسير 21/16 ) ، والطبراني ( المعجم الكبير 12/29 ح 12377 ) ، والحاكم في ( المستدرك 2/410 ) كلهم من طريق أبي إسحاق الفزاري به ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي . وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في حاشية ( المسند ح 2495 ) .