بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (4)

و{ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ } يعني : إلى خمس سنين ، ويقال : إلى سبع سنين .

روي عن أبي عبيدة أنه قال : البضع من واحد إلى أربعة . وقال القتبي : البضع ما فوق الثلاثة إلى دون العشرة . وقال مجاهد : البضع ما بين الثلاث إلى التسع ، ويقال { مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ } وهذا اللفظ يكون للغالبين وللمغلوبين ، كقولهم من بعد قتلهم .

ثم قال عز وجل : { لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } يعني : لله الأمر حين غلبت الروم فارس { وَمِن بَعْدِ } يعني : حين غلبت الروم فارس . ولفظ القبل والبعد إذا كان في آخر الكلام ، يكون رفعاً على معنى الإضافة للغاية ، ولو كان إضافة إلى شيء يكون خفضاً ، كقولك : من بعدهم ومن قبلهم .

ثم قال : { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون } لما يرجون من إسلامهم ، ويقال : يفرح أبو بكر رضي الله عنه خاصة ، ويقال : يفرح المؤمنون بتصديق وعد الله تعالى . وروي عن الشعبي أنه قال : كان ذلك عام الحديبية ، فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فبايعوه مبايعة الرضوان ، ووعد لهم غنائم خيبر ، وظهرت الروم على فارس ، وكان تصديقاً لهذه الآية { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون } وإنَّما جازت مخاطرة أبي بكر رضي الله عنه لأن المخاطرة كانت مباحة في ذلك الوقت ، ثم حرمت بقوله : { يا أيها الذين آمَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ المائدة : 90 ] الآية .