غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (4)

1

قال المفسرون : لما نزلت الآية قال أبو بكر للمشركين : لا أقر الله أعينكم ، والله ليظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين . فقال له أبي ابن خلف : كذبت يا أبا فضيل اجعل بيننا أجلاً أناحبك عليه ، فخاطره على عشر قلائص من كل واحد منهما وجعل الأجل ثلاث سنين . فأخبر أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : البضع ما بين الثلاث إلى التسع فزايده في الخطر وماده في الأجل فجعلاها مائة قلوص إلى تسع سنين . فلما أراد أبو بكر أن يخرج من مكة أتاه أبي فلزمه وطلب كفيلاً فكفله ابنه عبد الله بن أبي بكر ، فلما أراد أن يخرج إلى أحد أتاه عبد الله فلزمه إلى أن أقام كفيلاً ثم خرج إلى أحد ثم رجع أبي فمات بمكة من جراحته التي جرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم فظهرت الروم على فارس يوم الحديبية . وذلك عند رأس سبع سنين . فأخذ أبو بكر الخطر من ذرية أبي وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يتصدق به . قالت العلماء : إنما أبهم الوقت لأن الكفار كانوا معاندين والأمور التي تقع في البلاد الشاسعة قلما يحصل الاتفاق على وقتها المعين من السنة والشهر واليوم والساعة وإن كان معلوماً للنبي بإعلام الله إياه ، فالمعاند كان يتمكن من الإرجاف بوقوع الواقعة قبل وقوعها ليحصل الخلف في الميعاد ولكن المعاند لا يتمكن من إنكار الواقعة في البضع ، { ويومئذ } أي يوم يغلب الروم فارس ويحصل ما وعد الله من غلبتهم { يفرح المؤمنون بنصر الله } وبغلبة من له كتاب على من لا كتاب له ، أو بغيظ الشامتين بهم من كفار مكة . وقيل : نصر الله هو إظهار صدق المؤمنين فيما أخبر به نبيهم من غلبة الروم . وعن أبي سعيد الخدري : وافق ذلك يوم بدرٍ وهو المراد بنصر الله ، وذلك أن خبر الكسر لم يصل إليهم في ذلك اليوم بعينه فلا يكون فرحهم يومئذ بل الفرح يحصل بعده ، ولناصر القولين الأولين أن يقول : أقيم سبب الفرح ، مقام الفرح أو المراد باليوم الوقت الواسع الشامل لما بين زمان وقوع الكسر إلى زمان وصول خبر الكسر الموجب للفرح .

/خ32