التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ} (54)

قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم )

قال ابن كثير : يقول الله تعالى مخبرا عن قدراته العظيمة أنه من تول عن نصرة دينه وإقامة شريعته فإن الله يستبدل به من هو خير لها منه وأشد منعة وأقوم سبيلا كما قال تعالى ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )وقوله تعالى ( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز )أي : بممتنع ولا صعب .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه )الآية ، وعيد من الله أنه من ارتد منكم أنه سيستبدل خيرا منهم .

قال الحاكم : أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ببغداد ، ثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي ، ثنا وهب بن جرير وسعيد بن عامر ( قالا ) ثنا شعبة عن سماك بن حرب قال : سمعت عياضا الأشعري يقول : لما نزلت ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه )قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم قومك يا أبا موسى " . وأومى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي موسى الأشعري .

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ( المستدرك 2/313 ) وصححه الذهبي وابن الملقن ، وأخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير 17/371ح1016 ) ، وأبو بكر ابن أبي شيبة في مسنده - كما في إتحاف الخيرة ( 1/163ح103 ) ، الطبري في ( تفسيره 1/414-415ح12188 ، 12192 ) ، وابن حاتم في ( تفسيره 5/169ح266 ) كلهم من طريق شعبة به . وعزاه الهيثمي إلى الطبراني وقال : رجاله رجال الصحيح . ( مجمع الزوائد 7/16 ) ، وقال البوصيري في الإتحاف : هذا إسناد رواته ثقات .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )يعني بالأذلة : الرحماء .

قوله تعالى ( ولا يخافون لومة لائم )

قال ابن ماجة : حاثنا عمران بن موسى ، أنبأنا حماد بن زيد ، ثنا علي بن زيد ابن جدعان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا ، فكان فيما قال : " ألا ، لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه " . قال : فبكى أبو سعيد ، وقال : قد والله رأينا أشياء ، فهبنا .

( السنن ح4007 - ك الفتن ، ب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، وأخرجه الترمذي ( السنن ح 2191 - ك الفتن ، ب ما جاء ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى يوم القيامة )بإسناد ابن ماجة نفسه في حديث طويل وفيه موضع الشاهد . قال أبو عيسى : حديث حسن صحيح . وصححه الشيخ الألباني ( صحيح ابن ماجة رقم 3237 ) وقد توبع علي بن زيد على إسناد هذا الحديث ، فأخرجه أحمد ( المسند 3/5 ) من طريق سليمان بن طرخان ، و ( 3 / 44 ) من طريق أبي سلمة ، و ( 3/46-47 ) من طريق المستمر بن الريان ، كلهم عن أبي نضرة به . وأخرجه أحمد ( المسند 3/87 ) ، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان 1/509ح275 ) من طرق عن خالد بن عبد الله ، عن الجريري عن أبي نضرة به . وخالد بن عبد الله هو الواسطي ، وقد أخرج البخاري ومسلم روايته عن الجريري . قال محقق الإحسان : إسناده صحيح ، رجاله رجال مسلم إلا الجريري وقد أخرجه أبو يعلى في مسنده ( 2/536ح1411 ) ضمن حديث طويل ، من طريق الحسن عن أبى سعيد ، وفيه قوله : حدثنا أبو سعيد . قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ورجاله رجال صحيح ( مجمع الزوائد 7/274 ) .