الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ} (54)

قوله : ( يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَّرْتَدِ مِنكُمْ عَن دِينِهِ ) الآية [ 51 ] .

هذه( {[16908]} ) الآية وَعيدٌ لمن يرتد( {[16909]} ) فيما يُستقبل ، لأن الله تعالى قد علم أنه سيرتد بعد وفاة نبيه قوم( {[16910]} ) .

وقوله : ( فَسَوْفَ يَاتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) : قال الحسن والضحاك وغيرهما : هم أبو بكر الصديق وأصحابه ، رَدُّوا من ارتد بعد النبي وقال : لا نؤدي( {[16911]} ) الزكاة إلى [ أهل ]( {[16912]} ) الإيمان( {[16913]} ) .

وقيل : هم أهل اليمن( {[16914]} ) . وقيل هم آل أبي( {[16915]} ) موسى الأشعري ، روي( {[16916]} ) أن النبي صلى الله عليه وسلم أَوْمَأ( {[16917]} ) إلى أبي موسى الأشعري( {[16918]} ) عند نزول هذه الآية ، وقال : هم قوم هذا ، وهم أهل اليمن( {[16919]} ) . وعن مجاهد أنه قال : " هم قَوْمُ سَبَإٍ " ( {[16920]} ) . وقال السدِّي : هم الأنصار( {[16921]} ) .

وقوله : ( أَذِلَّةٍ عَلَى المُومِنِينَ ) ( أي )( {[16922]} ) جانبهم لين للمؤمنين( {[16923]} )/ ( أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ ) أي : جانبهم خشن على الكافرين( {[16924]} ) . وقيل : ( أعزة ) بمعنى أشداء( {[16925]} ) عليهم ذوي غلظة( {[16926]} ) .

وقال علي بن أبي طالب : أذلة : ذوي( {[16927]} ) رأفة " وأعزة : ذوي عنف( {[16928]} ) .

وقال ابن جريج : أذلة : رحماء ، أعزة : أعداء( {[16929]} ) .

( يُجَاهِدُونَ ) أي : يجاهدون من ارتد ولم يؤمن ، ( وَلاَ يَخَافُونَ ) في جهادهم ذلك ( لَوْمَةَ لاَئِمٍ )( {[16930]} ) . وهذا مما يدل على صحة خلافة أبي بكر ، لأنه جاهد بعد النبي من ارتد( {[16931]} ) لم يرجع( {[16932]} ) لقول قائل ، وقد كان كسر( {[16933]} ) عليه جماعة من قتال أهل الردة فأبى إلا قتلهم ، فقاتلهم حتى رجعوا إلى الإسلام وأداء الزكاة ، فرأى كل من كسر عليه أولاً أن الذي فعل هو الصواب ، رضي الله عنهم أجمعين( {[16934]} ) .


[16908]:- ب: وهذه.
[16909]:- ب: يرتدد.
[16910]:- انظر: تفسير الطبري 10/410.
[16911]:- ب: تودي.
[16912]:- ساقطة من أ.
[16913]:- هو قول قتادة وابن جريج وعلي أيضاً في تفسير الطبري 10/411 وما بعدها.
[16914]:- قاله مجاهد في تفسيره 311، وابن حوشب وابن كعب في تفسير الطبري 10/417.
[16915]:- ج د: بني.
[16916]:- ب ج د: وروي.
[16917]:- ب: أومى.
[16918]:- هو أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري، صحابي، أقرأ أهل البصرة وأفقههم توفي سنة 40هـ. انظر: الاستيعاب 3/979-981، والتذكرة 1/23، والأعلام 4/114.
[16919]:- انظر: روايات الحديث وقول عياض في تفسير الطبري 10/414 وما بعدها. وقد اختاره في 10/419.
[16920]:- تفسير الطبري 10/417. وفي تفسير مجاهد 311" ناس من أهل اليمن".
[16921]:- انظر: تفسير الطبري 10/418.
[16922]:- ساقطة من ب ج د.
[16923]:- ب ج د: (على المؤمنين). وانظر: اللسان: لين.
[16924]:- انظر: معاني الزجاج 2/183.
[16925]:- مخرومة في أ. ب: أشدة.
[16926]:- انظر: تفسير الطبري 10/421، وإعراب النحاس 1/504، 505.
[16927]:- ب: ذو.
[16928]:- في تفسير الطبري 10/4222 قول علي: "أذلة... أهل رقة على أهل دينهم، أعزة... أهل غلظة على مَن خالفهم في دينهم".
[16929]:- انظر: تفسير الطبري 10/422.
[16930]:- انظر: تفسير الطبري 10/422 و423.
[16931]:- انظر: إعراب النحاس 1/505، وإعراب مكي 630.
[16932]:- ب: برفع.
[16933]:- مخرومة في أ.
[16934]:- انظر: التفسير الكبير 12/20 وما بعدها حيث بدأ تفصيل حديثه عن إمامة أبي بكر الصديق بإيراد ما يدل "على فساد مذهب الإمامية من الروافض".