التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

قوله تعالى { قتل أصحاب الأخدود }

قال مسلم : حدثنا هدّاب بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا ثابت ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلة ، عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر . فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت ، فابعث إليّ غلاما أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاما يعلمه . فكان في طريقه ، إذا سلك راهب ، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب وقعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه . فشكا ذلك إلى الراهب . فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي . وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر . فبينما هو كذلك إذا أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس . فقال : اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل ؟ فأخذ حجرا فقال : اللهم ! إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة ، حتى يمضي الناس . فرماها فقتلها . ومضى الناس . فأتى الراهب فأخبره . فقال له الراهب : أي بُنيّ ! أنت اليوم أفضل مني . قد بلغ من أمرك ما أرى ، وإنك ستُبتلى . فإن ابتليت فلا تدلّ عليّ . وكان الغلام يُبرئ الأكمه والأبرص ويُداوي الناس من سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال : ما ههنا لك أجمع ، إن أنت شفيتني فقال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفى الله فإن أنت آمنت بالله دعوتُ الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك : من ردّ عليك بصرك ؟ قال : ربي قال : ولك رب غيري ؟ قال : ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يُعذبه حتى دلّ على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك : أي بني ! قد بلغ من سحرك ما تُبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل فقال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفى الله ، فأخذه فلم يزل يُعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له : ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم يجيء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم يجيء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ، ثم جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه وإلا فاطر حوه ، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال : اللهم ! اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال : اللهم ! كفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله . فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ، ثم ضع السهم في كبد القوس ، ثم قل : باسم الله ، رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ، ثم قال : باسم الله ، رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صُدغه ، فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات فقال الناس : آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأُتي الملك فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر ؟ قد ، والله ! نزل بك حذرك قد آمن الناس فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخُدّت وأضرم النيران وقال : من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له : اقتحم . ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : يا أُمه ! اصبري فإنك على الحق " .

[ الصحيح 4/ 2299-2301-ك الزهد والرقائق ، ب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام ] .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد { قتل أصحاب الأخدود } قال : كان شقوق في الأرض بنجران كانوا يعذّبون فيها الناس .