مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

وجواب القسم محذوف يدل عليه { قُتِلَ أصحاب الأخدود } أي لعن كأنه قيل : أقسم بهذه الأشياء إنهم ملعونون يعني كفار قريش كما لعن أصحاب الأخدود ، وهو خد أي شق عظيم في الأرض .

رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لبعض الملوك ساحر فلما كبر ضموا إليه غلاماً ليعلمه السحر . وكان في طريق الغلام راهب فسمع منه فرأى في طريقه ذات يوم دابة قد حبست الناس فأخذ حجراً فقال : « اللهم إن كان الراهب أحب إليك من الساحر فاقتلها » فقتلها فكان الغلام بعد ذلك يبرىء الأكمه والأبرص . وعمي جليس للملك فأبرأه فأبصره الملك فسأله من رد عليك بصرك ؟ فقال : ربي . فغضب فعذبه فدل على الغلام ، فعذبه فدل على الراهب ، فلم يرجع الراهب عن دينه فقدّ بالمنشار ، وأبى الغلام فذهب به إلى جبل ليطرح من ذروته فدعا فرجف بالقوم فطاحوا ونجا ، فذهب به إلى قرقور فلجّجوا به ليغرقوه فدعا فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ونجا فقال للملك : لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد وتصلبني على جذع وتأخذ سهماً من كنانتي وتقول : باسم الله رب الغلام ثم ترميني به ، فرماه فوقع في صدغه فوضع يده عليه فمات فقال الناس : آمنا برب الغلام . فقيل للملك : نزل بك ما كنت تحذر . فخدّ أخدوداً وملأها ناراً فمن لم يرجع عن دينه طرحه فيها حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست أن تقع فيها فقال الصبي : يا أماه اصبري فإنك على الحق فألقي الصبي وأمه فيها