فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

{ قُتِلَ أصحاب الأخدود } هذا جواب القسم ، واللام فيه مضمرة ، وهو الظاهر ، وبه قال الفراء ، وغيره . وقيل تقديره : لقد قتل ، فحذفت اللام ، وقد ، وعلى هذا تكون الجملة خبرية ، والظاهر أنها دعائية ، لأن معنى { قتل } لعن . قال الواحدي : في قول الجميع ، والدعائية لا تكون جواباً للقسم ، فقيل : الجواب قوله : { إِنَّ الذين فَتَنُواْ المؤمنين } وقيل : قوله : { إِنَّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ } وبه قال المبرد : واعترض عليه بطول الفصل . وقيل : هو مقدّر يدلّ عليه قوله : { قُتِلَ أصحاب الأخدود } كأنه قال أقسم بهذه الأشياء أن كفار قريش ملعونون ، كما لعن أصحاب الأخدود . وقيل : تقدير الجواب : لتبعثنّ ، واختاره ابن الأنباري . وقال أبو حاتم السجستاني ، وابن الأنباري أيضاً : في الكلام تقديم وتأخير : أي قتل أصحاب الأخدود ، والسماء ذات البروج ، واعترض عليه بأنه لا يجوز أن يقال : والله قام زيد ، والأخدود : الشقّ العظيم المستطيل في الأرض كالخندق ، وجمعه أخاديد ، ومنه الخدّ لمجاري الدموع ، والمخدة لأن الخد يوضع عليها ، ويقال تخدد وجه الرجل : إذا صارت فيه أخاديد من خراج ، ومنه قول طرفة :

ووجه كأن الشمس ألقتّ رداءها *** عليه نقيّ اللون لم يتخدّد

وسيأتي بيان حديث أصحاب الأخدود إن شاء الله .

/خ22