قوله : { قُتِلَ } : هذا جوابُ القسمِ على المختارِ ، وإنما حُذِفَتِ اللامُ ، والأصلُ : لَقُتِلَ ، كقولِ الشاعر :
حَلَفْتُ لها باللَّهِ حَلْفَةَ فاجرٍ *** لَناموا فما إنْ مِنْ حديثٍ ولا صالِ
وإنما حَسُن حَذْفُها للطُّولِ ، كما سيأتي إن شاء اللَّهُ تعالى في قولِه : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } [ الشمس : 9 ] . وقيل : تقديرُه : لقد قُتِلَ ، فحَذَفَ اللامَ وقد ، وعلى هذا فقولُه : " قُتِلَ " خبرٌ لا دُعاءٌ . وقيل بل هي دعاءٌ فلا يكونُ جواباً . وفي الجواب حينئذٍ أوجهٌ ، أحدُها : أنَّه قولُه : { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ } . الثاني : قولُه : { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ } قاله المبرد . الثالث : أنه مقدرٌ . فقال الزمخشري : ولم يَذْكُرْ غيرَه " هو محذوفٌ يَدُلُّ عليه { قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ } ، كأنه قيل : أُقْسِمُ بهذه الأشياءِ إنَّ كفَّار قريشٍ مَلْعونون كما لُعِنَ أصحابُ الأُخدودِ " ثم قال : " وقُتِل دعاءٌ عليهم ، كقوله :
{ قُتِلَ الإِنسَانُ } [ عبس : 17 ] ، وقيل : التقدير : لَتُبْعَثُنَّ .
وقرأ الحسن وابن مقسم " قُتِّلَ " بتشديدِ التاءِ مبالغةً أو تكثيراً . وقوله : " الموعودِ " ، أي : الموعود به . قال مكي : " الموعود نعتٌ لليوم . وثَم ضميرٌ محذوفٌ يتمُّ الموعودُ به . ولولا ذلك لَما صَحَّتِ الصفةُ ؛ إذ لا ضميرَ يعودُ على الموصوفِ مِنْ صفتِه " انتهى . وكأنَّه يعني أن اليومَ موعودٌ به غيرُه من الناس ، فلا بُدَّ مِنْ ضمير يَرْجِعُ إليه ، لأنه موعودٌ به لا موعودٌ . وهذا لا يُحتاج إليه ؛ إذ يجوزُ أَنْ يكون قد تَجَوَّزَ بأنَّ اليومَ وَعَدَ بكذا فيصِحُّ ذلك ، ويكونُ فيه ضميرٌ عائدٌ عليه ، كأنَّه قيل : واليومِ الذي وَعَدَ أَنْ يُقْضَى فيه بين الخلائِقِ .
والأُخْدودُ : الشِّقُّ في الأرضِ . قال الزمخشري : " والأخْدودُ : الخَدُّ في الأرضِ ، وهو الشِّقُّ . ونحوُهما بناءً ومعنىً : الخَقُّ والأُخْقُوق ، ومنه : " فساخَتْ قوائمُه في أخاقيقِ جِرْذان " . انتهى . فالخَدُّ في الأصلِ مصدرٌ ، وقد يقعُ على المفعولِ وهو الشِّقُّ نفسُه ، وأمَّا الأخدودُ فاسمٌ له فقط . وقال الراغب : " الخَدُّ والأُخْدُوْدُ شِقٌّ في أرضٍ ، مستطيلٌ غائِصٌ .
وجمع الأخدود : أخاديدُ . وأصلُ ذلك مِن خَدَّيْ الإِنسان ، وهما ما اكتنفا الأَنْفَ عن اليمينِ والشمالِ ، والخَدُّ يُستعار للأرضِ ولغيرها كاستعارةِ الوجهِ ، وتخدُّدُ اللحمِ زَوالُه عن وجهِ الجسم " ثم يُعَبَّرُ بالمُتَخَدِّدِ عن المهزول ، والخِدادُ مِيْسَمٌ في الخَدِّ . وقال غيره : سُمِّيَ الخَدُّ خَدَّاً لأنَّ الدموعَ تَخُدُّ فيه أخاديدَ ، أي : مجاريَ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.