التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{۞وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ} (122)

قوله تعالى : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون }

قال البخاري : حدثنا حبان بن موسى ، أخبرنا عبد الله ، عن يونس ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، والله المعطي وأنا القاسم ، ولا تزال هذه الآمة ظاهرين على من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون ) .

[ الصحيح 6/250 – 251 ح 3116 – ك فرض الخمس ، ب قول الله تعالى { فأن لله خمسه } ] ، وأخرجه مسلم في [ الصحيح 3/1524 ، ح 1037 – ك الإمارة ، ب قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق . . . ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } فإنها ليست في الجهاد ، ولكن لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر بالسنين أجدبت بلادهم ، وكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها حتى يحلوا بالمدينة من الجهد ، ويعتلوا بالإسلام وهم كاذبون ، فضيقوا على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأجهدوهم ، وأنزل الله يخبر رسول الله أنهم ليسوا مؤمنين ، فردهم رسول الله إلى عشائرهم ، وحذر قوهم أن يفعلوا فعلهم ، فذلك قوله : { ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } يقول : ما كان المؤمنون لينفروا جميعا ، ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وحده { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة } يعني عصبة ، يعني السرايا ، ولا يتسروا إلا بإذنه ، فإذا رجعت السرايا وقد نزل بعدهم قرآن ، تعلمه القاعدون من النبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا : إن الله قد أنزل على نبيكم بعدكم قرآنا ، وقد تعلمناه . فيمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم بعدهم ، ويبعث سرايا أخر ، فذلك قوله : { ليتفقهوا في الدين } يقول : يتعلمون ما أنزل الله على نبيه ، ويعلموا السرايا إذا رجعت إليهم لعلهم يحذرون .