وقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ) الآية اختلف أهل التأويل : قال بعضهم : إن نبي الله كان إذا خرج للغزو خرجوا جميعا ، فتبقى المدينة خالية من الرجال ، فنهى الله عن ذلك ، وقال : ما ينبغي للمؤمنين أن ينفروا كافة مع رسول الله ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) .
وقال بعضهم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية خرجوا جميعا ، فبقي هو وحده ، لم يبق معه أحد ممن يشهد التنزيل ليخبر[ في الأصل وم : ليخبروا ] أولئك [ حين يحضرون ][ في الأصل وم : حضروا ] .
وقال آخرون : الآية في الوفود ؛ وذلك أن الوفود إذا قدموا من الآفاق المدينة قدموا مع النساء والذراري جميعا ، فأمروا أن ينفر[ من م ، في الأصل : ينفروا ] الرجال منهم دون النساء والذراري ، ومن كل قوم نفر ( ليتفقهوا في الدين ) .
ذكر في هذه الآية : ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ ) نهى الكل أن ينفرون ، وأمر في الآية الأخرى بنفر الكل بقوله : ( فانفروا ثبات أو انفروا جميعا )[ النساء : 71 ] فهو يخرج على وجهين ؛
أحدهما : أمر بالنفر الجميع عند قلة المؤمنين ليكون لهم الكفاية مع العدو .
والثاني : أمر بنفر الكل عند النفير .
فتكون إحدى الآيتين في حالة النفير ، والأخرى في[ أدرج قبلها في الأصل وم : أنها ] غير حال النفير وما ذكرنا في وقت القلة والكثرة .
فمن يقول : الآية في الذين كانوا يخرجون جميعا مع رسول الله إذا خرج ؛ كأنه نهى عن الخروج جملة مع رسول الله خوفا على أهاليهم وذراريهم ، لعل العدو سباهم ، وأخذ أموالهم . يقول الله : ( فلولا نفر من كل منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) أي هلا نفرت[ في الأصل وم : نفر ] طائفة منهم ، فيخبروا الكفار المقيمين بما أنزل الله على رسوله من النصر والمعرفة والهزيمة على الكفار الذين قاتلوا رسول الله ، فيكون ذلك سبب دعائهم إلى السلام . وإلى هذا يذهب الحسن والأصم .
ويقولون : إن هذه الآية نسخت الآية التي [ قبلها ، وهي ][ في الأصل م : قبله وهو ] قوله تعالى : ( مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ) يقول الحسن : إن عليهم أن يخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج ، فيقول : هذا منسوخ بالآية التي تليها ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) الآية .
ومن يقول بأن الآية في الوفود الذين كانوا يأتون رسول الله المدينة بالنساء والذراري فالنهي لذلك لما كانوا يضيقون على أهل المدينة أوطانهم ، ويغلون أسعارهم ونحوه ؛ يقول : الآية في الذين خرجوا ، أو نفروا مع السرايا ؛ نهاهم عن خروج الكل لما لعله إذا نزل على رسوله شيئا ، فلم يكن معه أحد يبلغه إليه[ في الأصل وم : إليهم ] ، ثم يبلغ إلى من هو غاب عنه ، ضاع ذلك ، فيقول : ( كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ ) أي ليعلموا قومهم ما نزل على رسول الله وليبلغوا ذلك إلى من غاب عنه .
وقوله تعالى : ( من كل فرقة منهم طائفة ) قيل : من كل عصبة ومن كل قبيلة ومن كل حي .
ففي الآية دلالة سقوط فرض الجهاد عن الجماعة إذا قام بعضهم عن بعض . وفيه دلالة لزوم العمل بخبر الآحاد ، وإن احتمل الغلط ؛ لأن ما ذكر من الطائفة يحتمل أن يجتمعوا على ذلك كذبا أو غلطا ، ثم ألزم قومهم قبول خبر ، وإن احتمل الغلط والكذب بقوله ( وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) والآية تخرج على وجهين :
أحدهما : أن أهل بلدة وأهل قبيلة يختارون من يصلح للتفقه في الدين والتعلم ، فينفر ، حتى إذا تفقه ، وتعلم ، ورجع إلى [ قومه ، علمهم ][ في الأصل وم : قومهم فيعلمهم ] .
والثاني : [ أن ][ ساقطة من الأصل وم ] يأمر من يصلح للتفقه بالتخلف عن الجهاد إذا كان بهم غنية ليتفقهوا [ في الأصل وم : ليتفقه ] عند رسول الله ، فينذروا[ في الأصل وم : فينذر ] قومهم إذا رجعوا [ إليهم من غزوهم ][ في الأصل وم : إليه من غزائهم ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.