قوله : { وما كان المومنون لينفروا كافة } إلى قوله : { مع المتقين }[ 122 ، 123 ] . المعنى : لم يكن لهم ليفعلوا ذلك ، فظاهره خبر ومعناه نهي{[30238]} ، أي : ما كان لهم أن يفعلوا ذلك ، أي : لا يفعلوه ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث قوما ، ليعلموا الناس الإسلام ، فلما نزل قوله : { ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله } ، الآية ، رجع أولئك من البوادي إلى النبي عليه السلام ، خشية أن يكونوا ممن تخلف{[30239]} عنه .
فأنزل الله عز وجل ، عذرهم : { وما كان المومنون لينفروا كافة } ، وكره انصرافهم من البادية إلى المدينة ، قال ذلك مجاهد{[30240]} .
ثم قال تعالى : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة }[ 122 ] ، هلا{[30241]} أتى للخروج من هؤلاء الذين يعلمون الناس { من كل فرقة منهم طائفة }{[30242]} ، ويبقى الباقون ليتفقه أهل البوادي في الدين { ولينذروا قومهم }{[30243]}[ 122 ] ، أي : يخبرونهم بما تعلموا { لعلهم يحذرون }[ 122 ] ، مخالفة أمر الله ، سبحانه .
وقال ابن عباس المعنى : ما كان المؤمنون لينفروا في غزوهم جميعا ، ويتركوا نبيهم عليه السلام ، { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة } ، يعني : السرايا ، فلما{[30244]} رجعت السرايا ، ونزل بعدهم قرآن ، تعلمه القاعدون من النبي عليه السلام ، قالوا للسرايا : إن الله عز وجل ، قد أنزل على نبيكم عليه السلام ، قرآنا بعدكم/وقد تعلمناه . فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل بعدهم ، ويمضي الآخرون الذين كانوا مقيمين للسرايا ، فذلك قوله : { ليتفقهوا{[30245]} في الدين }{[30246]}
فمعنى الكلام : فهلا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقه المتخلفون{[30247]} في الدين { ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم } ، أي : ليعلم{[30248]} القاعدون القادمين من السرايا ما تعلموا في مغيبهم ، وهو قول قتادة{[30249]} .
وقال : هذا في الجيوش أمرهم الله [ أن ]{[30250]} لا يُعَرُّا نبيهم عليه السلام ، وأن تقيم طائفة مع رسول الله{[30251]} صلى الله عليه وسلم ، تتفقه في الدين وتنطلق طائفة تدعو قومها{[30252]} إلى الله سبحانه ، فإذا رجعوا علمهم المقيمون ما نزل بعدهم{[30253]} .
ومثل ذلك قال الضحاك{[30254]} .
وعن ابن عباس أيضا : أنها ليست في الجهاد ، ولكن لما دعا النبي عليه السلام ، [ على مُضر ]{[30255]} بالسنين{[30256]} أجدبت بلادهم ، فكانت القبيلة منهم تُقبل بأسرها إلى المدينة يعتلون{[30257]} في إقبالهم بالإسلام وليس كذلك ، إنما بهم الجَهد{[30258]} الذي نزل بهم ، فأخبر الله عز وجل ، نبيه{[30259]} عليه السلام ، أنهم ليسوا من المؤمنين ، وأنهم لو كانوا مؤمنين ما أتوا بأجمعهم ، ولكن يأتي
بعضهم يتفقه في الدين ، ويعود فينذر من بقي لعله يحذر ما حرم الله سبحانه ، فإتيانهم بجماعتهم يدل على أنهم إنما أتوا من أجل الجَهد لا من أجل الإيمان{[30260]} .
وقال عكرمة : إنما هو تكذيب للمنافقين ، وذلك أنه لما نزل : { ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله } ، الآية ، قال المنافقون : هلك من تخلف ، فألحقوا من عذره الله{[30261]} في التخلف بمن لم يعذره الله سبحانه ، فأنزل الله عز وجل ، عذرا ثانيا لمن تخلف من الأعراب بعذر ، فقال { وما كان المومنون{[30262]} لينفروا كافة }{[30263]} .
وقال الحسن : المعنى ، للتتفقه{[30264]} الطائفة الغائبة ، بما يؤيدهم{[30265]} الله عز وجل ، من الظهور على المشركين ، وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم{[30266]} .
أي : يخبر الغائبون في الجهاد الحاضرين ، بما فتح الله عز وجل ، عليهم فيزداد إيمانهم ، وهو اختيار الطبري . قال : تتفقه الطائفة النافرة بما ترى{[30267]} من نصر الله عز وجل ، { ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم } أي : يخبرونهم بما فتح الله سبحانه عليهم فيحذرونهم أن ينزل بهم بأس الله ، سبحانه{[30268]} .
ف : " قومهم " على هذا القول : من بقي من أهليهم مشركين ، يحذرونهم ليؤمنوا{[30269]} ، وهو قول الحسن{[30270]} .
وهذه الآية دليل على جواز قبول خبر الواحد{[30271]} .
وقد روي : أنها نزلت في أعراب قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المدينة فعلوا الأسعار{[30272]} ، وملأوا الطرق بالعذرة فنزلت : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة }{[30273]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.