نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

ولما أفهم ذلك عدم الحجاب من بيوت أو جبال ، أو أشجار أو تلال ، أو غير ذلك من سائر ذوات الظلال ، نبه عليه في قوله معيداً ذكر اليوم لأنه أهول له : { يوم هم } أي بظواهرهم وبواطنهم { بارزون } أي برزوا لا ساتر فيه أصلاً .

ولما كان من المعلوم عندهم إنما لا ساتر له معلوم ، أجرهم على ما يعهدون ، وعبر بعبارة تعم ذلك فقال مستأنفاً في جواب من ظن أنه قد يخفي عليه شيء عند الساتر معظماً الأمر بإظهار الاسم الأعظم : { لا يخفى على الله } أي المحيط علماً وقدرة { منهم شيء } أي من ذواتهم ولا معانيهم سواء ظهروا أو استتروا في هذا اليوم وفي غيره .

ولما كان من العادة المستمرة أن الملك العظيم إذا أرسل جيشه إلى من طال تمردهم عليه وعنادهم له فظفروا بهم وأحضروهم إليه أن يناديهم مناديه وهم وقوف بين يديه قد أخرستهم هيبته وأذلتهم عظمته بلسان قاله أو لسان حاله بما يبكتهم به ويوبخهم ويؤسفهم على ما مضى من عصيانهم ويندمهم قال : { لمن الملك اليوم } أي يا من كانوا يعملون أعمال من يظن أنه لا يقدر عليه أحد ، فيجيبون بلسان الحال أو المقال كما قال بعض من قال :

سكت الدهر طويلاً عنهم *** قد أبكاهم دماً حين نطق

{ لله } أي الذي له جميع صفات الكمال ، ثم دل على ذلك بقوله : { الواحد } أي الذي لا يمكن أن يكون له ثان بشركة ولا قسمة ولا غيرها { القهار * } أي الذي يقهر من يشاء متكرراً وصفه بذلك دائماً أبداً لما ثبت من غناه المطلق بوحدانيته الحقيقة .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

{ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ( 16 ) }

يوم القيامة تظهر الخلائق أمام ربهم ، لا يخفى على الله منهم ولا مِن أعمالهم التي عملوها في الدنيا شيء ، يقول الله سبحانه : لمن الملك والتصرف في هذا اليوم ؟ فيجيب نفسه : لله المتفرد بأسمائه وصفاته وأفعاله ، القهَّار الذي قهر جميع الخلائق بقدرته وعزته .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

قوله : { يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ } بدل من قوله : { يَوْمَ التَّلاقِ } وقيل : يوم منصوب بفعل محذوف تقديره اذكر{[4011]} وبارزون : أي خارجون من قبورهم ؛ فهم ظاهرون لا يسترهم شيء من جبل أو أكمةٍ أو بناء عال ؛ فالأرض بارزة بهم ؛ لأنها قاع مستوية صفصف . وحينئذ يحشرون عراة لا يسترهم شيء من ثياب أو غواش ولا ينفعهم شيء إلا الإيمان وعمل الصالحات .

قوله : { لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } ذلك بيان من الله لعباده أن الناس بارزون يوم القيامة لا يحجبهم ولا يسترهم شيء ولا يخفى منهم على الله شيء ؛ بل هم ظاهرون مكشوفون ، مستبينون لله في أقوالهم وأعمالهم .

قوله : { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } ينادي يوم القيامة منادٍ بذلك . وذلك إذا هلك أهل السماوات والأرض فليس حينئذ من حيِّ موجود إلا الله الخالق الموجد . وقيل : قائل ذلك هو الرب سبحانه وليس حينئذ من مجيب ؛ بل الله وحده يجيب نفسه فيقول : { لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } الملك لله وحده ؛ فهو سبحانه له ملكوت كل شيء وليس له في ذلك شريك ولا نديد . وهو سبحانه القوي الغالب الذي لا يقهره أحد بل هو القاهر الجبار ، المنتقم من الظالمين والخاسرين والأشرار .


[4011]:الدر المصون ج 9 ص 464