ولما كان في هذا الكلام معنى الشكاية وشدة التحرق ، وعظيم التحزن كما يشير إليه إثبات يا التي للبعد ، على خلاف ما جرت به العادة في نداء الخواص الذين هو أخصهم ، والاستفهام عن سبب هجرانهم مع ما لهم إليه من الدواعي ، كان كأنه قيل : ذلك بأن من فعله عاداك حسداً لك ، وعطف عليه : { وكذلك } أي ومثل ما فعلنا من هذا الفعل العظيم وأنت أعظم الخلق لدينا { جعلنا } بما لنا من العظمة { لكل نبي } أي من الأنبياء قبلك ، رفعة لدرجاتهم { عدواً من المجرمين } الذين طبعناهم على الشغف بقطع ما يقتضي الوصل فأضللناهم بذلك إهانة لهم ، فاصبر كما صبروا فإني سأهدي بك من شئت ، وأنصرك على غيرهم ، وأكرم قومك من عذاب الاستئصال تشريفاً لك .
ولما كان موطناً تعلق فيه النفوس متشوقة إلى الهداية بعد هذا الطبع ، والنصرة بعد ذلك الجعل ، كان كأنه قيل : لا تحزن فلنجعلن لك ولياً ممن نهديه للإيمان ، ولننصرنهم على عدوهم كما فعلنا بمن قبلك ، بل أعظم حتى نقضي أممهم من ذلك العجب ، ولا يسعهم إلا الخضوع لكم والدخول في ظلال عزكم ، ولما كان ذلك - لكثرة المعادين - أمراً يحق له الاستبعاد ، قال عاطفاً على ما تقديره ؛ ثم نصر إخوانك من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على من جعلهم أعداءهم ربُّك الذي أرسلهم : { وكفى بربك } أي المحسن إليك { هادياً } يهدي بك من قضى بسعادته { ونصيراً* } ينصرك على من حكم بشقاوته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.