ولما بين سبحانه وتعالى أن الصدقة كالبذر الذي هو من أحسن الأرباح وأبهجها ، بين الحامل عليها ترغيباً فيها ، فقال عاطفاً بالواو ، إشارة إلى التمكن في جميع هذه الصفات : { والذين آمنوا } اي أوجدوا هذه الحقيقة العظيمة في أنفسهم { بالله } أي الملك الأعلى الذي له الجلال والإكرام { ورسله } اي كلهم لما{[62517]} لهم من النسبة إليه ، فمن كذب بشيء على أحد منهم أوعمل عمل المكذب له لم يكن مؤمناً به { أولئك } أي الذين لهم الرتب العالية والمقامات السامية { هم } أي خاصة {[62518]}لا غيرهم{[62519]} { الصديقون } أي الذين هم في غاية الصدق والتصديق لما يحق له أن يصدقه من سمعه ، وقال القشيري : الصديق من استوى ظاهره وباطنه ، ويقال : هو الذي يحمل الأمر على الأشق ولا ينزل{[62520]} إلى الرخص ، ولا يحتاج للتأويلات ، ولما كان الصديق لا يكون عريقاً في الصديقية إلا بالتأهيل لرتبة الشهادة قال تعالى : { والشهداء } معبراً بما مفرده شهيد عاطفاً بالواو إشارة إلى قوة التمكن في كل من الوصفين ، قال القشيري{[62521]} : هم الذين يشهدون بقلوبهم بواطن الوصلة ويعتكفون بأسرارهم في أوطان القربة ، وزاد المر عظماً بقوله : { عند ربهم } أي الذي أحسن إليهم بالقربة بمثل تلك الرتبة{[62522]} العالية من الشهادة لله بكل ما أرسل به رسله ، والأنبياء الماضين على أممهم والحضور في جميع الملاذ بالشهادة في سبيل الله ، قال مجاهد{[62523]} : كل مؤمن صديق وشهيد - وتلا هذه الآية { لهم } أي جميع من مضى من الموصوفين{[62524]} بالخير{[62525]} { أجرهم } أي الذي جعله ربهم لهم{[62526]} { ونورهم } أي{[62527]} الذي زادهموه من فضله برحمته ، أولئك أصحاب النعيم المقيم .
ولما ذكر أهل السعادة جامعاً لأصنافهم ، أتبعهم أهل الشقاوة لذلك قال : { والذين كفروا } أي ستروا ما دلت عليه أنوار عقولهم ومرائي فكرهم { وكذبوا بآياتنا } على ما لها من العظمة بنسبتها إلينا سواء كانوا في ذلك مساترين أو مجاهرين أو عمل العالم بها عمل المكذب { أولئك } أي المبعدون {[62528]}من الخير{[62529]} خاصة{[62530]} { أصحاب الجحيم * } أي النار التي هي {[62531]}غاية في{[62532]} توقدها ، خالدون فيها من بين العصاة ، وأما غيرهم فدخولهم لها{[62533]} إذا دخلوها ليس على وجه{[62534]} الصحبة الدالة على الملازمة ، وأولئك هم الكاذبون الذين لا تقبل {[62535]}لهم شهادة{[62536]} عند ربهم ، لهم عقابهم وعليهم{[62537]} ظلامهم ، والآية من الاحتباك : ذكر الصديقية{[62538]} وما معها أولاً{[62539]} دليلاً على أضدادها ثانياً ، و{[62540]}الجحيم ثانياً دليلاً على النعيم أولاً ، وسره أن الأول أعظم في الكرامة ، والثاني أعظم في الإهانة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.