الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَۖ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ وَنُورُهُمۡۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ} (19)

قوله : {[67295]} { والذين آمنوا بالله ورسله } إلى قوله : { فإن الله الغني الحميد } الآيات [ 18-23 ] .

أي والذين أقروا بوحدانية الله وإرساله رسله ، وصدقوا الرسل { أولئك هم الصدقون } أي : الذين كثر صدقهم وتصديقهم .

ثم قال : { والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم } أي : لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم .

ومذهب ابن عباس ومسروق والضحاك أن " الشهداء " منفصل من " الصديقين " منقطع منه {[67296]} .

وروى البراء بن عازب {[67297]} قال سمعت النبي صلى الله يقول : مؤمنو أمتي شهداء ، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم {[67298]} هذه الآية {[67299]} .

فهذا يدل على أنه متصل بالصدقين ، أي : أولئك هم الصديقون والشهداء {[67300]} عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ، أي : أجر الشهداء ، ونورهم : أي : للمؤمنين أي : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أجر الشهداء ونورهم .

وروى سعيد {[67301]} عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال : كلكم صديق وشهيد فقيل له انظر ماذا {[67302]} تقول يا أبا هريرة ، فقال اقرأوا هذا الآية فذكرها {[67303]} .

وروي أن رجلا من قضاعة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس وصمت شهر رمضان ، وآتيت الزكاة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم {[67304]} من كان على هذا كان من الصدقين والشهداء {[67305]} .

وعن ابن عباس أنه قال يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مؤمن صديق ، ويزكي الله بالقتل من يشاء {[67306]} ثم تلا هذه الآية {[67307]} .

قال مجاهد : هو متصل ، وكل مؤمن شهيد {[67308]} .

وروي ذلك عن ابن عمر ، روي عنه أنه/ قال في حديث له . والرجل يموت على فراشه هو شهيد ، وقرأ {[67309]} هذه الآية {[67310]} .

وقيل " الشهداء " في هذا الموضع : النبيون {[67311]} الذين يشهدون على أممهم وهو قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } {[67312]} .

هذا قول الفراء {[67313]} ، والقول الأول هو اختيار الطبري ، ويكون {[67314]} تمام الكلام : " الصديقون " {[67315]} .

ثم يبتدئ الإخبار عن الشهداء ، وإنما سمي المقتول في سبيل الله عز وجل {[67316]} شهيدا ، لأنه يشهد له بالجنة {[67317]} .

وقيل سمي شهيدا {[67318]} لأنه يشهد عند الله على الأمم . قال تعالى { وتكونوا شهداء على الناس } {[67319]} .

وقال مجاهد : سمي المؤمن شهيدا ، لأنه يشهد عند الله على نفسه بالإيمان {[67320]} .

ثم قال : { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم } .

أي جحدوا ما أنزل الله عز وجل {[67321]} وكذبوا بالقرآن هم أصحاب النار .


[67295]:ع: "قال تعالى".
[67296]:انظر: جامع البيان 27/133، وتفسير القرطبي 17/253، والدر المنثور 8/61، والمكتفي 555، والقطع 709، ومنار الهدى 275، والبحر المحيط 8/223.
[67297]:ح: "عارف" وهو تحريف.
[67298]:ساقط من ع.
[67299]:انظر: جامع البيان 27/133، وإعراب النحاس 4/361، وابن كثير 4/313، والدر المنثور 8/60، وعزاه إلى ابن جرير عن البراء بن عازب، والبحر المحيط 8/223، وفتح القدير 5/174.
[67300]:ع: "وهم الشهداء".
[67301]:ح: "معبد" وهو تحريف.
[67302]:ع: "ما تقول".
[67303]:ذكره السيوطي في الدر المنثور 8/60، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، ولم أعثر عليه.
[67304]:ع: "صلى الله عليه وسلم".
[67305]:ذكره الالوسي في روح المعاني 27/183، والشوكاني في فتح القدير 5/174.
[67306]:ع: "ما يشاء".
[67307]:انظر: روح المعاني 27/183.
[67308]:انظر: جامع البيان 27/133، وتفسير مجاهد 649، وزاد المسير 8/170، وتفسير القرطبي 17/253.
[67309]:ع: "وقيل" وهو تحريف.
[67310]:انظر: جامع البيان 27/133، وفتح القدير 5/174.
[67311]:ح: "التبيان" وهو تحريف.
[67312]:النساء: آية 41.
[67313]:انظر: معاني الفراء 3/135.
[67314]:ع: "يكون".
[67315]:انظر: جامع البيان 27/133، وإعراب النحاس 4/361. وزاد المسير 8/170، ومنار الهدى 275.
[67316]:ساقط من ح.
[67317]:انظر: إعراب النحاس 4/361.
[67318]:ع: "شهيد".
[67319]:الحج: 76.
[67320]:انظر: تفسير مجاهد 649، وإعراب النحاس 4/361.
[67321]:ساقط من ع.