قوله : { والذين آمَنُواْ } مبتدأ ، و«أولئك » مبتدأ ثانٍ ، و«هم » يجوز أن يكون مبتدأ ثالثاً ، و«الصديقون » خبره ، وهو مع خبره خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر الأول ، ويجوز أن يكون «هم » فصلاً ، و«أولئك » وخبره خبر الأول{[55388]} .
«والصِّديق » : هو الكثير الصِّدق .
وقال مجاهد : من آمن بالله ورسوله فهو صديق ، وتلا هذه الآية{[55389]} .
وقال الضحاك : هم ثمانية نفر من هذه الأمة سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام : أبو بكر ، وعلي ، وزيد ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وحمزة ، وتاسعهم عمر بن الخطاب ، ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نيته{[55390]} .
قوله : { والشهداء } . يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أنه معطوف على ما قبله ، ويكون الوقف على «الشهداء » تامًّا ، أخبر عن «الذين آمنوا » أنهم صديقون شهداء .
فإن قيل : الشهداء مخصوصون بأوصاف أخر زائدة على ذلك كالتسعة المذكورين .
أجيب : بأن تخصيصهم بالذكر لشرفهم على غيرهم لا للحصر .
والثاني : أنه مبتدأ ، وفي خبره وجهان :
والثاني : أنه قوله «ولهم أجرهم » ، إما الجملة ، وإما الجار وحده ، والمرفوع فاعل به ، والوقف لا يخفى على ما ذكرناه من الإعراب .
والصِّدِّيق : مثال مبالغة ، ولا يجيء إلا من ثلاثي غالباً .
قال بعضهم : وقد جاء «مِسِّيك » من «أمسك » ، وهو غلط ؛ لأنه يقال : «مسك » ثلاثياً ، ف «مسّيك » منه .
فصل في المراد بالصديقين والشهداء{[55391]}
قال مجاهد وزيد بن أسلم : إن الشهداء والصديقين هم المؤمنون ، وأنه متصل ، وروي معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا قول ابن مسعود في تأويل الآية{[55392]} .
قال القشيري : قال الله تعالى : { فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين } .
ف «الصديقون » هم الذين يلون الأنبياء .
و«الشهداء » هم الذين يلون الصديقين و«الصالحون » يلون الشهداء ، فيجوز أن تكون هذه الآية في جملة من صدق بالرسل .
والمعنى : والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصدّيقون والشهداء ، ويكون المعني بالشهداء من شهد لله بالوحدانية ، أنهم شهداء عند ربهم على العباد في أعمالهم ، والمراد أنهم عدول في الآخرة الذين تقبل شهاداتهم .
وقال الحسن : كل مؤمن فإنه شهيد كرامة{[55393]} .
وقال الفراء والزجاج{[55394]} : هم الأنبياء ؛ لقوله تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً } [ النساء : 41 ] .
وقال ابن جرير : «الشهداء » هم الذين استشهدوا في سبيل الله{[55395]} .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ما تَعُدُّون الشُّهداء فيْكُمْ » ؟ قالوا : المقتول ، فقال : «إنَّ شُهَداء أمَّتِي إذاً لقَلِيلٌ »{[55396]} .
وعلى هذا يكون منقطعاً عما قبله ، وتكون «الواو » في «والشهداء » واو الاستئناف ، وهذا مروي عن ابن عباس ومسروق .
وقوله : { لَهُمْ أَجْرُهُمْ } مما عملوا من العمل الصالح . و«نورهم » على الصراط .
ثم لما ذكر حال المؤمنين أتبعه بذكر حال الكافرين{[55397]} ، فقال : { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ، أولئك أصحاب الجحيم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.