نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٖ ثُمَّ قَضَىٰٓ أَجَلٗاۖ وَأَجَلٞ مُّسَمًّى عِندَهُۥۖ ثُمَّ أَنتُمۡ تَمۡتَرُونَ} (2)

ولما قرر سبحانه أنه{[28454]} هو الذي خلق السماوات والأرض اللتين منهما وفيهما الأصنام والكواكب والأجرام التي عنها النور والظلمة ، فثبت وجوده على ما هو عليه من الإحاطة بأوصاف الكمال التي أثبتها الحمد ، فبطلت جميع مذاهبهم ، فعجب منهم بكونهم يعدلون به غيره ، أتبع ذلك اختصاصه بخلق هذا النوع البشري ، وهو - مع ما فيه من الشواهد له بالاختصاص بالحمد والرد على المُطرِين لعيسى عليه السلام المخلوق من الطين بخلق أبيهم آدم عليه السلام - مؤكدٌ{[28455]} لإبطال مذهب الثنوية ، وذلك أنهم يقولون : إن النار خالق الخير ، والظلمة خالقة{[28456]} الشر ، فإذا ثبت أنه الخالق{[28457]} لنوع الآدميين الذين منهم الخير والشر من شيء واحد ، وهو الطين الذي ولد منه المني الذي جعل منه الأعضاء المختلفة في اللون والصورة والشكل من القلب وغيره من الأعضاء البسيطة {[28458]}كالعظام والغضاريف{[28459]} والرباطات والأوتار ، ثبت أن خالق أوصافهم من الخير والشر واحد قدير عليم ، لأن توليد الصفات المختلفة من المادة المتشابهة{[28460]} لا يكون إلا ومبدعه واحد مختار ، لا اثنان ، وهو الذي خلق الأرض التي منها أصلهم ، وهو الله الذي اختص بالحمد فقال : { هو الذي خلقكم } ولما كانوا يستبعدون البعث لصيرورة الأموات تراباً واختلاط تراب الكل بعضه ببعض و{[28461]}بتراب الأرض ، فيتعذر التمييز{[28462]} ، وكان تمييز{[28463]} الطين لشدة اختلاط أجزائه بالماء أعسر من تمييز التراب قال : { من طين } أي فميز طينة كل{[28464]} منكم - مع أن منكم الأسود والأبيض وغير{[28465]} ذلك والشديد وغيره - من طينة الآخر بعد أن جعلها ماء ثخيناً له قوة الدفق ونماها إلى حيث شاء من الكبر .

ولما كان من المعلوم أن ما كانا{[28466]} من شيء واحد كانت مدة بقائهما واحدة ، نبه بأداة التراخي على كمال قدرته واختياره من{[28467]} المفاوتة بين الآجال فقال : { ثم قضى } أي حكم حكماً تاماً وبتّ وأوجد { أجلاً } أي وقتاً مضروباً لانقضاء العمر وقطع التأخر لكل واحد منكم خيراً كان {[28468]}أو شريراً ، قوياً كان{[28469]} أو ضعيفاً ، من أجل يأجل أجولاً - إذا تأخر ، وجعل تلك الآجال - مع كونها متفاوتة{[28470]} - متقاربة لا مزية لأحد منكم بصفة على آخر بصفة مغائرة لها ، وفاعل ذلك لا يكون إلا واحداً فاعلاً بالاختيار .

ولما ذكر الأجل الأول الذي هو الإبداع من الطين إشارة إلى ما فرع منه من الآجال المتفاوتة ، ذكر الأجل الآخر الجامع للكل ، لأن ذكر البداية يستدعي ذكر النهاية ، فقال مشيراً إلى تعظيمه بالاستئناف والتنكير : { وأجل } أي عظيم { مسمى } أي لكم أجمعين لانقضاء البرزخ للإعادة التي هي في مجاري عاداتكم أهون من الابتداء لمجازاتكم{[28471]} والحكم بينكم الذي هو محط حكمته ومظهر نعمته ونقمته في وقت واحد ، يتساوى فيه الكل ، وستر علمه عن الكل كما أشار إليه بالتنكير ، وهذا لا يصح أن يكون إلا لواحد ، لا متعدد ، وإلا لتباينت المقادير والإرادات وانشق كل مقدور في صنف{[28472]} لا يتعداه ، وإلا لعلا بعضهم على بعض وانهتكت{[28473]} أسرار البعض بالبعض - سبحان الله وتعالى عما يصفون ، وغير السياق إلى الاسمية إشارة إلى اختصاصه بعلمه وأنه ثابت لا شك فيه ! ويؤكده{[28474]} إثبات قوله : { عنده } في هذه الجملة وحذفها من الأولى{[28475]} هنا{[28476]} وفي قوله{ ثم يبعثكم{[28477]} فيه ليقضي أجل مسمى }[ الأنعام : 60 ] ، وقدم المبتدأ مع تنكيره - والأصل تأخيره - إفادة{[28478]} لتعظيمه .

ولما كان في هذا من البيان لوحدانيته{[28479]} وتمام قدرته{[28480]} لا سيما على البعث الذي هو مقصود حكمته ما يبعد معه الشك في الإعادة ، أشار إليه بأداة التراخي وصيغة الافتعال فقال : { ثم أنتم تمترون * } أي تكلفون أنفسكم الشك في كل من الوحدانية والإعادة التي هي أهون على مجاري عاداتكم من الابتداء بتقليد الآباء ، والركون إلى مجرد الهوى والإعراض عن الأدلة التي{[28481]} هي أظهر من ساطع الضياء ، وهذه الآية نظير آية الروم{ أولم يتفكروا في أنفسهم{[28482]} }[ الروم : 8 ] أي كيف خلقهم الله من طين ، وسلط بعضهم{[28483]} على بعض بالظلم والعدوان ، وجعل لهم آجالاً فاوت بينها{[28484]} وساوى في ذلك بين الأصل والفرع ، فأنتج هذا أنه ما خلق الله السماوات والأرض{[28485]} وما بينهما{[28486]} إلا بالحق ، أي{[28487]} بسبب إقامة العدل في جميع ما وقع بينكم من الاختلاف كما هو شأن كل مالك في عبيده { وأجل مسمى } - الآية . وقال الإمام أبو جعفر{[28488]} بن الزبير : لما بين سبحانه وتعالى حال{[28489]} المتقدمين{[28490]} وهو الصراط المستقيم ، وأوضح ما {[28491]}يظهر الحذر{[28492]} من{[28493]} جانبي الأخذ والترك ، وبين{[28494]} حال من تنكب عنه ممن كان قد يلمحه{[28495]} ، وهم اليهود والنصارى ، وكونهم لم يلتزموا الوفاء به{[28496]} وحادوا عما أنهج{[28497]} لهم ، وانقضى أمر الفريقين ، ذماً لحالهم وبياناً لنقضهم وتحذيراً للمتقين أن يصيبهم ما أصابهم ، وختم ذلك ببيان حال المؤقنين في القيامة يوم ينفع الصادقين صدقهم ، وقد كان انجرّ مع ذلك ذكر مشركي العرب وصممهم عن الداعي وعماهم عن الآيات ، فكانوا أشبه بالبهائم منهم بالأناسي ، أعقب ذلك تعالى بالإشارة إلى طائفة مالت{[28498]} إلى النظر والاعتبار ، فلم توفق لإصابة الحق وقصرت عن الاستضاءة بأنوار الهدى . وليسوا ممن يرجع إلى شريعة قد حرفت وغيرت ، بل هم في صورة{[28499]} من هَمَّ{[28500]} أن يهتدي{[28501]} بهدى الفطرة ويستدل بما بسط الله تعالى في المخلوقات فلم يمعن النظر ولم يوفق فضلَّ وهم المجوس وسائر الثنوية ممن كان قصارى{[28502]} أمره نسبة الفعل إلى النور والإظلام ، ولم يكن تقدم لهؤلاء ذكر ولا إخبار بحال فقال تعالى : { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور } فبدأ تعالى بذكر خلق السماوات والأرض التي عنها وجد النور والظلمة ، إذ الظلمة ظلال هذه الأجرام ، والنور عن أجرام نيرة محمولة فيها وهي الشمس{[28503]} والقمر والنجوم ، فكان الكلام : الحمد لله الذي أوضح الأمر لمن اعتبر واستبصر ، فعلم أن وجود النور والظلمة متوقف بحكم السببية التي شاءها تعالى على وجود أجرام السماوات والأرض وما أودع فيها ، ومع بيان الأمر في ذلك حاد عنه{[28504]} من عمى عن الاستبصار { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } [ الأنعام : 1 ] وقوله تعالى : { هو الذي خلقكم من طين } [ الأنعام : 2 ] مما يزيد هذا المعنى وضوحاً ، فإنه تعالى ذكر أصلنا والمادة التي عنها أوجدنا ، كما ذكر للنور والظلمة ما هو كالمادة ، وهو وجود السماوات والأرض ، وأشعر لفظ { جعل } بتوقف الوجود بحسب المشيئة على ما ذكر ، وكان قد قيل : أيّ فرق بين{[28505]} وجود النور والظلمة عن وجود السماوات والأرض وبين وجودكم عن الطين حتى يقع امتراء فيه{[28506]} عن نسبة الإيجاد إلى النور والظلمة ، وهما لم يوجدا إلا بعد مادة أو سبب كما طرأ في إيجادكم ؟ فالأمر في ذلك أوضح شيء { ثم أنتم تمترون } [ الأنعام : 2 ] ثم مرت السورة من أولها إلى آخرها منبهة على بسط الدلالات في الموجودات مع التنبيه على أن ذلك لا يصل إلى استثمار فائدته{[28507]} إلا من هيئ{[28508]} بحسب السابقة فقال تعالى : 'إنما يستجيب الذين يسمعون }[ الأنعام : 36 ] ثم قال تعالى :{ والموتى يبعثهم الله }[ الأنعام : 36 ] ، وهو - والله أعلم - من نمط { أو من كان ميتاً فأحييناه } ، أجمل هنا ثم فسر بعد في السورة بعينها ، والمراد أن من الخلق من جعله الله سامعاً مطيعاً متيقظاً معتبراً بأول وهلة ، وقد أرى المثال سبحانه وتعالى في ذلك في قصة إبراهيم عليه السلام في قوله :{ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض }[ الأنعام : 75 ] ، فكأنه{[28509]} يقول لعباده المتقين : تعالوا فانهجوا طريق الاعتبار ملة أبيكم إبراهيم{[28510]} كيف نظر{[28511]} عليه السلام نظر السامع المتيقظ ! فلم يعرج في أول نظره على ما سبب وجوده بيِّنٌ فيحتاج فيه إلى غرض في الكواكب والقمر والشمس ، بل نظر فيما عنه{[28512]} صدر النور ، لا في النور ، فلما جن عليه الليل رأى كوكباً ، فتأمل كونه عليه السلام لم يطول النظر بالتفات النور ، ثم كان يرجع إلى اعتبار الجرم الذي عنه{[28513]} النور ، بل لما رأى النور عن أجرام سماوية تأمل تلك الأجرام وما قام بها من الصفات ، فرأى الأفول والطلوع والانتقال والتقلب فقال : هذا لا يليق بالربوبية لأنها صفات حدوث ، ثم رقى{[28514]} النظر إلى القمر والشمس فرأى ذلك الحكم جارياً فيهما فحكم بأن وراءها مدبراً لها يتنزه عن الانتقال والغيبة والأفول فقال :{ إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض }[ الأنعام : 79 ] وخص عليه السلام ذكر هذين لحملهما أجرام{[28515]} النور وسببيتهما{[28516]} في وجود الظلمة ، ثم تأمل هذا النظر منه عليه السلام وكيف خص بالاعتبار أشرف الموجودين{[28517]} وأعلاهما ، فكان في ذلك وجهان من الحكمة : أحدهما علو النظر ونفوذ البصيرة في اعتبار الأشرف الذي إذا بان منه الأمر فهو فيما سواه أبين ، فجمع بين قرب التناول وعلو التهدي{[28518]} ، والوجه الثاني التناسب بين حال الناظر والمنظور فيه والتناول والجري على الفطرة العلية " وهو من قبيل أخذ نبينا صلى الله عليه وسلم اللبن حين عرض عليه اللبن والخمر فاختار اللبن ، فقيل له : اخترت الفطرة ! فكان قد قيل : هذا النظر والاعتبار بالهام ، لا نظر من أخلد إلى الأرض فعمد الضياء والظلام ، وينبغي أن يعتمد في قصة إبراهيم عليه السلام في هذا الاعتبار أنه صلى الله عليه وسلم في قوله : { هذا ربي } إنما قصد{[28519]} قطع حجة من عبد شيئاً من ذلك{[28520]} إذ كان{[28521]} دين قومه ، فبسط لهم الاعتبار والدلالة ، وأخذ يعرض ما قد تنزه{[28522]} قدرُه عن الميل إليه ، فهو كما يقول المناظر لمن يناظره : هب أن هذا على ما تقول . {[28523]}

يريد بذلك إذعان خصمه واستدعاءه{[28524]} للاعتبار حتى يكون غير{[28525]} مناظر له{[28526]} ما لا يعتقده ، ليبني على ذلك مقصوده ليقلع{[28527]} خصمه وهو على يقين من أمره ، فهذا ما ينبغي أن يعتمد هنا لقول يوسف عليه السلام { ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء{[28528]} }[ يوسف : 38 ] ، فالعصمة قد اكتنفتهم عما يتوهمه{[28529]} المبطلون ويتقوله المفترون ، ويشهد لما قلناه قوله تعالى :{ وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه{[28530]} }[ الأنعام : 83 ] فهذه حال من علت درجته من الذين يسمعون ، فمن الخلق من جعله الله سامعاً بأول وهلة وهذا مثال شاف في ذلك ، ومنهم الميت ، والموتى على ضربين{[28531]} : منهم من يزاح{[28532]} عن{[28533]} جهله وعمهه ، ومنهم من يبقى في ظلماته ميتاً لا حراك به ، يبين ذلك قوله تعالى :{ أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها }[ الأنعام : 122 ] ؛ ولما كانت السورة متضمنة{[28534]} جهات الاعتبار ومحركة إلى النظر ومعلنة من مجموع آيها أن المعتبر والمتأمل - وإن{[28535]} لم يكن{[28536]} متيقظاً بأول وهلة ، ولا سامعاً أول محرك ، ولا مستجيباً{[28537]} لأول سامع - قد ينتقل حاله عن جموده{[28538]} وغفلته إلى أن يسمع ويلحق بمن كان يتيقظ{[28539]} في أول وهلة ؛ ناسب تحريكُ العباد وأمرهم بالنظر أن تقع الإشارة في صدر السورة إلى حالتين : حالة السامعين لأول وهلة ، وحالة السامعين في ثاني حال ، فقيل :{ إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله }[ الأنعام : 36 ] ولم تقع هنا إشارة إلى القسم الثالث مع العلم به ، وهو الباقي على هموده وموته ممن{[28540]} لم يحركه زاجر ولا واعظ ولا اعتبار ، ولأن هذا الضرب لو ذكر هنا لكان فيه ما يكسل من ضعفت همته ، رجعت حالةُ ابتدائه ، فقيل : { والموتى يبعثهم الله } وأطلق ليعمل الكل على هذا البعث من الجهل والتيقظ من سِنة الغفلة كما دعا الكل إلى الله دعاء واحداً فقيل : { يا أيها الناس اعبدوا ربكم } ثم اختلفوا في إجابة الداعي بحسب السوابق هكذا ، وردّ هذا { والموتى يبعثهم الله } إسماعاً للكل ، وفي صورة التساوي مناسبة للدعاء لتقوم الحجة على العباد ، حتى إذا{[28541]} انبسطت الدلائل وانشرحت الصدور لتلقيها{[28542]} وتشبثت{[28543]} النفوس وتعلقت بحسب ما قدر ، وفاز بالخير أهله ، قال تعالى بعد آي :{ أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس }[ الأنعام : 122 ] وكان قد قيل لمن{[28544]} انتقل عن حالة الموت فرأى قدر نعمة الله عليه بإحيائه : هل يشبه الآن حالك النيرة{[28545]} - بما منحت حين اعتبرت - بحالك الجمادية ؟ فاشكر ربك واضرع إليه في طلب الزيادة ، واتعظ{[28546]} بحال من لزم حال موته فلم تغن عنه الآيات ، وهو المشار إليه بقوله{[28547]} : { كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } { إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه } { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله } { سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون{[28548]} }[ البقرة : 6 ] وكان القسم المتقدم الذي سمع لأول وهلة لم يكن ليقع ذكره هنا من جهة قصد أن أراه قدر هذه النعمة وإنقاذ{[28549]} المتصف بها من حيرة شك{[28550]} موقعها فيما تقدم من قوله { إنما يستجيب الذين يسمعون }[ الأنعام : 36 ] فذكر هنا ما هو واقع في إراءة{[28551]} قدر نعمة الإنقاذ والتخليص{[28552]} من عمى الجهل ، هذا حال من انتقل بتوفيق الله وحال من بقي على موته ، أو يكون الضربان{[28553]} قد شملهما قوله{ أو من كان ميتاً فأحييناه }[ الأنعام : 122 ] وأما الثاني وهو الذي ثبتت{[28554]} فيه صورة النقل فأمره صريح من الآية وأما الضرب الأول وهو السامع لأول{[28555]} وهلة المكفي المؤنة لواقي العصمة من طوارق الجهل والشكوك ، فدخوله تحت{[28556]} مقتضى هذا اللفظ من حيث إن وقايته تلك أو سماعه بأول وهلة ليس من جهته ولا بما سبق أو تكلف ، بل بإسداء{[28557]} الرحمة وتقديم النعمة ، ولو{[28558]} أبقاه لنفسه أو وكله إليها لم يكن كذلك{ وما بكم من نعمة فمن الله{[28559]} }[ النحل : 53 ] ، فبهذا النظر قد تكون الآية قد شملت الضروب الثلاثة وهو أولى ، أما سقوط الضرب الثالث من{[28560]} قوله :{ إنما يستجيب الذين يسمعون }[ الأنعام : 36 ] فلِما تقدم - والله أعلم بما أراد ؛ ولما تضمنت هذه السورة الكريمة من بسط الاعتبار وإبداء جهات النظر ما إذا تأمله المتأمل علم أن حجة الله قائمة على العباد ، وأن إرسال الرسل رحمة ونعمة وفضل وإحسان ، وإذا كانت الدلالات{[28561]} مبسوطة والموجودات مشاهدة مفصحة ، ودلالة النظر من سمع وأبصار وأفئدة موجدة ، فكيف يتوقف عاقل في عظيم رحمته تعالى بإرسال الرسل ! فتأكدت الحجة وتعاضدت البراهين ، فلما عرف الخلق لقيام الحجة عليهم بطريقي الإصغاء إلى الداعي{[28562]} والاعتبار{[28563]} بالصنعة ؛ قال تعالى :{ قل فللّه الحجة البالغة }[ الأنعام : 149 ] { فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة }[ الأنعام : 157 ] فيما{[28564]} عذر المعتذر بعد هذا ؟ أتريدون كشف الغطاء ورؤية الأمر عياناً ! لو استبصرتم لحصل لكم ما منحتم ، { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك }[ الأنعام : 158 ] ، ثم ختمت السورة من التسليم والتفويض بما يجدي مع قوله : { فلو شاء لهداكم أجمعين }[ الأنعام : 149 ] وحصل من السور الأربع بيان أهل الصراط المستقيم وطبقاتهم{[28565]} في سلوكهم وما ينبغي لهم التزامه{[28566]} أو تركه ، وبيان حال المتنكبين عن سلوكه من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان والمجوس - انتهى .


[28454]:سقط من ظ.
[28455]:في ظ: موكدا.
[28456]:في ظ: خالق.
[28457]:من ظ، وفي الأصل: خالق.
[28458]:في ظ: كالطعام والعطاريف- وهو خطأ.
[28459]:الغضاريف جمع غضروف وهو كل عظم رخص، ويقال أيضا: الغرضوف.
[28460]:من ظ، وفي الأصل: المتشابه.
[28461]:سقط من ظ.
[28462]:من ظ، وفي الأصل: التميز.
[28463]:من ظ، وفي الأصل: تميز.
[28464]:من ظ، وفي الأصل: كلا.
[28465]:من ظ، وفي الأصل: ثم.
[28466]:من ظ، وفي الأصل: كان.
[28467]:في ظ: في.
[28468]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[28469]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[28470]:سقط من ظ.
[28471]:في ظ: لمجازتكم.
[28472]:في ظ: صنعه.
[28473]:من ظ، وفي الأصل: انتهكت.
[28474]:في ظ: موكدة.
[28475]:من ظ، وفي الأصل: الأول.
[28476]:سقط من ظ.
[28477]:في الأصل و ظ: نبعثكم- كذا. والتصحيح من القرآن الكريم آية 60، والآية بالغيبة بلا خلاف.
[28478]:من ظ، وفي الأصل: لا فادة.
[28479]:في ظ: الوحدانية.
[28480]:في ظ: القدرة.
[28481]:زيد من ظ.
[28482]:آية 8.
[28483]:في ظ: بعض.
[28484]:في ظ: منها.
[28485]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[28486]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[28487]:سقط من ظ.
[28488]:في الأصل: جعفر، والصواب ما في الأصل، وهو احمد ابن إبراهيم بن الزبير- راجع معجم المؤلفين 1/138.
[28489]:سقط من ظ.
[28490]:في ظ: المتقين.
[28491]:في ظ: يحذر- كذا.
[28492]:في ظ: يحذر- كذا.
[28493]:زيد من ظ.
[28494]:في ظ: من.
[28495]:في ظ: تلمحه.
[28496]:سقط من ظ.
[28497]:من ظ، وفي الأصل: أنعج.
[28498]:من ظ، وفي الأصل: أو مات- كذا.
[28499]:من ظ، وفي الأصل: منهم- كذا متصلا.
[28500]:من ظ، وفي الأصل: منهم- كذا متصلا.
[28501]:من ظ، وفي الأصل: يهدي.
[28502]:من ظ، أي غاية أمره، وفي الأصل: قصارين.
[28503]:زيد من ظ.
[28504]:زيد من ظ.
[28505]:زيد من ظ.
[28506]:من ظ، وفي الأصل: فتدعى.
[28507]:في ظ: زايدة.
[28508]:في ظ: هيأ.
[28509]:من ظ، وفي الأصل: كأنه.
[28510]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[28511]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[28512]:من ظ، وفي الأصل: عند.
[28513]:من ظ، وفي الأصل: عند.
[28514]:من ظ، وفي الأصل: رمى.
[28515]:في ظ: النورية وسببهما.
[28516]:في ظ: النورية سببهما.
[28517]:من ظ، وفي الأصل: الوجودين.
[28518]:أي الاسترشاد، وفي ظ: الهدى.
[28519]:زيد من ظ.
[28520]:في ظ: فكان.
[28521]:في ظ: فكان.
[28522]:من ظ، وفي الأصل: نزه.
[28523]:ظ: يقول.
[28524]:في ظ: استدناه.
[28525]:في ظ: منا قوله.
[28526]:في ظ: منا قوله.
[28527]:في ظ: ليقع.
[28528]:سورة 12 آية 38.
[28529]:في ظ: يتوهمونه.
[28530]:من القرآن الكريم- راجع آية 83 من الأنعام. وفي الأصل و ظ: قوله.
[28531]:من ظ، وفي الأصل: جزئين- كذا.
[28532]:في ظ: يرح- كذا.
[28533]:زيد من ظ.
[28534]:من ظ، وفي الأصل: مضمنة.
[28535]:من ظ، وفي الأصل: يكن.
[28536]:من ظ، وفي الأصل: يكن.
[28537]:من ظ، وفي الأصل: مسحيا- كذا.
[28538]:في ظ: خموده.
[28539]:في ظ: يتعظ.
[28540]:سقط من ظ.
[28541]:سقط من ظ.
[28542]:سقط من ظ.
[28543]:في ظ: تسبب- كذا.
[28544]:زيد من ظ.
[28545]:في الأصل: التنزه- كذا، وفي ظ: المنزه.
[28546]:من ظ، وفي الأصل: والنقص- كذا.
[28547]:زيد من ظ.
[28548]:زيد من ظ والقرآن الكريم سورة 2 آية 6.
[28549]:في ظ: إبعاد.
[28550]:من ظ، وفي الأصل: شكه.
[28551]:من ظ، وفي الأصل: أراه- كذا.
[28552]:من ظ، وفي الأصل: التخلص.
[28553]:وقع في ظ: ضر- كذا مقطوعا.
[28554]:من ظ، وفي الأصل: يسبب.
[28555]:في ظ: الأول.
[28556]:زيد من ظ.
[28557]:في الأصل و ظ: باسد- كذا.
[28558]:سقط من ظ.
[28559]:سورة 16 آية 53.
[28560]:في ظ: في.
[28561]:في ظ: الدلائل.
[28562]:في ظ: فالاعتبار.
[28563]:في ظ: فالاعتبار.
[28564]:في ظ: فما.
[28565]:في ظ: تلقيا بهم- كذا.
[28566]:في ظ: التزامهم.