قوله : { هو الذي خلقكم من طين } الآية [ 3 ] .
المعنى : أن الله خلق آدم من طين ، فخوطب الخلق بذلك ، لأنهم ولده ، وهو أصل لهم ، قال قتادة ومجاهد والسدي{[19104]} . قال ابن زيد : خلق آدم من طين ، ثم خُلقنا من آدم حين أخرجنا من ظهره{[19105]} .
وقيل : المعنى : أن النطفة من طين ، لكن قَبَلَها الله تعالى ذكره حتى كان الإنسان منها{[19106]} .
وقوله : { ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده } .
الأجل الأول : أجل الإنسان من حيث يخرج إلى الدنيا إلى أن يموت ، والأجل الثاني : هو ما بين وقت موته إلى يُبعث{[19107]} ، قاله قتادة والضحاك والحسن{[19108]} . وقال ابن جبير : الأول الدنيا ، والثاني الآخرة . وكذلك قال مجاهد{[19109]} . وقال عكرمة : الأول : الموت ، والثاني : الآخرة ، كالقول الأول ، وكذلك قال ابن عباس ، وقاله السدي{[19110]} .
و{ ثم } – على هذه الأقوال كلها – يراد بها التقديم للخبر{[19111]} الثاني على الأول{[19112]} .
قل لمن ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد بعد ذلك جده{[19113]}
فالجد سابق للأب ، والأب سابق للمدوح .
وقد قيل : الأول قبض الروح في النوم ، والثاني قبض الروح عند الموت ، روي ذلك عن ابن عباس أيضا{[19114]} . وقيل : معنى ذلك أن الأول هو ما أعلمنا ( أَلاَّ نَبَيَّ ){[19115]} بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، والآخر هو القيامة{[19116]} . وقيل : الأول ما نعرفه{[19117]} من الأهِلّة وأوقات الزروع{[19118]} ونحو ذلك ، والأجل الثاني : موت الإنسان متى يكون{[19119]} . ومعنى { ثم قضى أجلا } لم{[19120]} يرد أنه قضى الأجل خلق آدم ، بل الأجل قَضاهُ قبل خلق المخلوقات كلها ، ولكن الكلام محمول على الخبر من الله جل ذكره لنا ، كأنه قال : أخبركم أن الله خلقكم من طين ، يعني آدم ، ثم أخبركم أن الله قضى أجلاً قبل خلقه لآدم ، ف( ثم ) إنما دخلت لنسق الخبر الثاني على الأول ، لا لوقت الفعلين{[19121]} .
وقوله : { ثم أنتم تمترون } معناه{[19122]} : تشكون{[19123]} ( في من ){[19124]} خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ، وقضى أجل الموت وأجل الساعة ، إنه إله واحد قادر ، لا عديل له ولا شبيه{[19125]} .
وقوله { ثم قضى أجلا } وقف حسن{[19126]} عند نافع وغيره من النحويين{[19127]} .
فسوف يأتيهم ( أخبار ){[19128]} تكذيبهم ، وهي ما حل عليهم من الأسر والسيف يوم بدر{[19129]} ، وفتح ( مكة ){[19130]} وغير ذلك ، ومعناه : سوف يعلمون ما{[19131]} تؤول{[19132]} إليه أمورهم{[19133]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.