نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ} (43)

ولما كان ربما ظن ظان أن المانع لهم{[67687]} الكبر كما في هذه الدنيا ، قال مبيناً لنفي الكبر في مثل هذا اليوم العظيم { خاشعة } أي مخبتة متواضعة { أبصارهم } لأن ما في القلب يعرف في العين ، وذلك أن المؤمنين يرفعون رؤوسهم ووجوههم أضوأ من الشمس ، ووجوه الكافرين والمنافقين سود مظلمة .

ولما كان الخاشع لذلك قد يكون خشوعه لخير عنده حمله على ذلك مع{[67688]} العز قال : { ترهقهم } أي تغشاهم وتقهرهم { ذلة } أي عظيمة لأنهم استعملوا الأعضاء التي أعطاهموها سبحانه وتعالى ليتقربوا بها إليه في دار العمل في التمتع بما يبعد منه .

ولما دلت هذه العبارة مطابقة لما ورد في الحديث الصحيح على أن من كان في قلبه مرض في الدنيا يصير ظهره طبقاً واحداً{[67689]} فقارة واحدة فيعالج السجود فيصير كلما أراده انقلب لقفاه ، عجب منهم في ملازمة الظلم الذي هو إيقاع الشيء{[67690]} في غير موقعه فقال : { وقد } أي والحال أنهم { كانوا } أي دائماً بالخطاب الثابت { يدعون } في الدنيا من كل داع يدعو إلينا { إلى السجود وهم } أي فيأبونه{[67691]} والحال أنهم { سالمون * } أي{[67692]} فهم{[67693]} مستطيعون ، ليس في أعضائهم ما يمنع من ذلك ، وإنما يمنعهم منه الشماخة والكبر ، فالآية من الاحتباك{[67694]} : ذكر عدم الاستطاعة أولاً دال على حذف الاستطاعة ثانياً ، وذكر السلامة ثانياً دال على حذف عدم السلامة أولاً .


[67687]:- من ظ وم، وفي الأصل: يريدون.
[67688]:- من ظ وم، وفي الأصل: من.
[67689]:- زيد في الأصل: فقال، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67690]:- من ظ وم، وفي الأصل: شيء.
[67691]:- من م، وفي الأصل: فيأتون إليه، وفي ظ: فيأتونه.
[67692]:- سقط من ظ وم.
[67693]:- زيد من ظ وم.
[67694]:- زيد من ظ وم.