قوله : { وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } أي مثل ذلك الاجتباء البديع الذي رأيته في النوم من سجود الكواكب والشمس والقمر يجتبيك ربك ، ويحقق فيك تأويل تلك الرؤيا ، فيجعلك نبياً ، ويصطفيك على سائر العباد ، ويسخرهم لك كما تسخرت لك تلك الأجرام التي رأيتها في منامك فصارت ساجدة لك . قال النحاس : والاجتباء : أصله من جبيت الشيء حصلته ، ومنه جبيت الماء في الحوض جمعته ، ومعنى الاجتباء : الاصطفاء ، وهذا يتضمن الثناء على يوسف ، وتعديد نعم الله عليه ، ومنها : { وَيُعَلّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأحاديث } أي : تأويل الرؤيا .
قال القرطبي : وأجمعوا أن ذلك في تأويل الرؤيا ، وقد كان يوسف عليه السلام أعلم الناس بتأويلها . وقيل المراد : ويعلمك من تأويل أحاديث الأمم والكتب . وقيل المراد به : إحواج إخوته إليه . وقيل : إنجاؤه من كل مكروه ، وقيل : إنجاؤه من القتل خاصة .
{ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } فيجمع لك بين النبوة والملك ، كما تدل عليه هذه الرؤيا التي أراك الله ، أو يجمع لك بين خيري الدنيا والآخرة { وعلى ءالِ يَعْقُوبَ } وهم قرابته من إخوته وأولاده ومن بعدهم ، وذلك أن الله سبحانه أعطاهم النبوة كما قاله جماعة من المفسرين ، ولا يبعد أن يكون إشارة إلى ما حصل لهم بعد دخولهم مصر ، من النعم التي من جملتها كون الملك فيهم ، مع كونهم أنبياء { كَمَا أَتَمَّهَا على أَبَوَيْكَ } أي : إتماماً مثل إتمامها على أبويك : وهي نعمة النبوّة عليهما ، مع كون إبراهيم اتخذه الله خليلاً ، ومع كون إسحاق نجاه الله سبحانه من الذبح وصار لهما الذرية الطيبة وهم : يعقوب ، ويوسف ، وسائر الأسباط . ومعنى { مِن قَبْلُ } من قبل هذا الوقت الذي أنت فيه ، أو من قبلك ، وإبراهيم وإسحق عطف بيان لأبويك ، وعبر عنهما بالأبوين مع كون أحدهما جداً وهو إبراهيم ؛ لأن الجدّ أب ، { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ } بكل شيء { حَكِيمٌ } في كل أفعاله . والجملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها تعليلاً له ، أي فعل ذلك لأنه عليم حكيم ، وكان هذا كلام من يعقوب مع ولده يوسف تعبيراً لرؤياه على طريق الإجمال ، أو علم ذلك من طريق الوحي ، أو عرفه بطريق الفراسة وما تقتضيه المخايل اليوسفية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.