ثم إنه وصل بهذه النصيحة شيئاً من تعبير رؤياه فقال :{ وكذلك } أي ومثل اجتبائك لهذه الرؤيا الشريفة { يجتبيك ربك } لأمور عظام . والاجتباء افتعال من جبيت الشيء إذا حصلته لنفسك ، وجبيت الماء في الحوض جمعته ، وخصص الحسن الاجتباء بالنبوة . قال في الكشاف { ويعلمك } كلام مبتدأ غير داخل في حكم التشبيه كأنه قيل : وهو يعلمك ويتم نعمته عليك . أقول : ولعل إدخاله في حكم التشبيه ليس بضائر . وفي { تأويل الأحاديث } وجوه منها : أنه تأويل أحاديث الناس فيما يرونه في منامهم ، سمى التعبير تأويلاً لأنه يؤول أمره إلى ما رآه في المنام أو يؤول أمر ما رآه في المنام إلى ذلك . والأحاديث اسم جمع للحديث وليس بجمع أحدوثة لأنها التي يتحدث بها الناس . ومنها أنه تبيين معاني كتب الله وسنن الأنبياء لأن المفسر والمحدّث يحدّثان عن الله ورسوله فيقولان : قال الله كذا وقال الرسول كذا . ومنها أن الحديث بمعنى الحادث والمراد كيفية الاستدلال بالحادث على القديم سبحانه . وأما إتمام النعمة فيمن فسر الاجتباء بالنبوة فسر الإتمام بالسعادات الدنيوية والأخروية من المال والجاه والعلوم والأخلاق الفاضلة ، ومن فسر ذلك بالدرجات العالية فسر هذا بالنبوة لأن التمام المطلق في حق البشر ليس إلا بالنبوة ، ولأن إتمام النعمة عليه مشبه بإتمامها على إبراهيم وإسحق ، ومن المعلوم أن الامتياز بينهما وبين أقرانهما لم يكن إلا بالنبوة وقد يفسر إتمام النعمة على إبراهيم بالخلة والإنجاء من النار ومن ذبح الولد ، وعلى إسحق بإنجائه من الذبح وفدائه بذبح عظيم وبإخراج يعقوب والأسباط من صلبه ، ويكون وجه التشبيه إنجاءه من السجن والمحن كإنجائهما من النار والذبح .
والمراد بآل يعقوب نسله قيل : علم يعقوب أن يوسف وإخوته أنبياء استدلالاً بضوء الكواكب . واعترض بما فرط منهم في حق يوسف . وأجيب بأن ذلك قبل النبوة . وقيل : إتمام النعمة وصل نعمة الدنيا بنعم الآخرة وذلك أنه جعلهم ملوكاً وأنبياء و { إبراهيم وإسحاق } عطف بيان لأبويك لأن أبا الجد في حكم الأب { إن ربك عليم } بمن يستحق الاجتباء { حكيم } لا يضع الشيء إلا في موضعه فلا يجعل الرسالة إلا في نفس قدسية وجوهر مشرق . قيل : حكم يعقوب بوقوع هذه الأمور دليل على جزمه بها فكيف خاف بعدها على يوسف حتى قال : { وأخاف أن يأكله الذئب } ؟ والجواب لعل جزمه بذلك كان مشروطاً بعدم كيد إخوته ، ولعل قوله : { أخاف أن يأكله الذئب } كيلا يتهاونوا في حفظه فإن للوسائط والأسباب مدخلاً عظيماً في وجود الأشياء وحصولها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.