{ وكذلك } ، أي : وكما اجتباك ربك للاطلاع على هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرف وعز وكمال نفس { يجتبيك } ، أي : يختارك ويصطفيك { ربك } بالدرجات العالية واجتباء الله تخصيصه بفيض إلهي يحصل منه أنواع الكرامات بلا سعي من العبد ، وذلك مخصوص بالأنبياء وبعض من يقاربهم من الصدّيقين والشهداء والصالحين وقوله : { ويعلمك } كلام مستأنف خارج عن التشبيه والتقدير وهو يعلمك { من } ، أي : بعض { تأويل الأحاديث } من تأويل الرؤيا وغيرها من كتب الله تعالى والأخبار المروية عن الأنبياء المتقدّمين ، وكان يوسف عليه السلام في تعبير الرؤيا وغيرها غاية ، والتأويل ما تؤل إليه عاقبة الأمر { ويتم نعمته عليك } بالنبوّة . قال ابن عباس : لأنّ منصب النبوّة ، أي : ومع الرسالة أعلى من جميع المناصب ، وكل الخلق دون درجة الأنبياء ، فهذا من تمام النعمة عليهم ؛ لأنّ جميع مناصب الخلق دون منصب الرسالة والنبوّة فالكمال المطلق والتمام المطلق في حق البشر ليس إلا النبوّة والرسالة ، وقيل : يجتبيك بالنبوّة ويتم نعمته عليك بسعادات الدنيا وسعادات الآخرة ، أمّا سعادات الدنيا فالإكثار من الأولاد والخدم والأتباع والتوسع في المال والجاه والإجلال في قلوب الخلق وحسن الثناء والحمد ، وأمّا سعادات الآخرة فالعلوم الكثيرة والأخلاق الفاضلة والاستغراق في معرفة الله تعالى { وعلى آل يعقوب } ، أي : أولاده وهذا يقتضي حصول تمام النعمة لآل يعقوب ، وتمام النعمة هو النبوّة والرسالة كما مرّ فلزم حصولها لآل يعقوب وأيضاً أن يوسف عليه السلام قال : إني رأيت أحد عشر كوكباً وكان تأويله أحد عشر نفساً لهم فضل وكمال ويستضئ بعلمهم ودينهم أهل الأرض ؛ لأنه لا شيء أضوأ من الكواكب وبها يهتدي ، وذلك يقتضي أن تكون جملة أولاد يعقوب أنبياء ورسلاً .
فإن قيل : كيف يجوز أن يكونوا أنبياء وقد أقدموا على ما أقدموا عليه في حق يوسف عليه السلام ؟ أجيب : بأنّ ذلك وقع منهم قبل النبوّة ، والعصمة من المعاصي إنما تعتبر بعد النبوّة لا قبلها على خلاف فيه . { كما أتمها على أبويك } بالنبوّة والرسالة ، وقيل : إتمام النعمة على إبراهيم عليه السلام خلاصه من النار واتخاذه خليلاً ، وعلى إسحاق خلاصه من الذبح وفداؤه بذبح عظيم على قول أن إسحاق هو الذبيح . { من قبل } ، أي : من قبل هذا الزمان وقوله : { إبراهيم وإسحاق } عطف بيان لأبويك ثم إن يعقوب عليه السلام لما وعده بهذه الدرجات الثلاثة ختم الكلام بقوله : { إن ربك عليم } ، أي : بليغ العلم { حكيم } ، أي : بليغ الحكمة وهي وضع الأشياء في أتقن مواضعها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.