بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَكَذَٰلِكَ يَجۡتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ ءَالِ يَعۡقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَىٰٓ أَبَوَيۡكَ مِن قَبۡلُ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (6)

ثم قال : { وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } يقول : يصطفيك ويختارك بالنبوة . قال : بالحسن ، والجمال ، والمحبة في القلوب . { وَيُعَلّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأحاديث } يعني : من تعبير الرؤيا . ويقال : يعني : هي الكتب المنزلة . ويقال : عواقب الأمور ، يعني : يفهمك حتى تكون عالماً بعواقبها { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } يعني : يثبتك على الإسلام ، ويقال : بالنبوة والإسلام { وعلى ءالِ يَعْقُوبَ } يعني : إخوة يوسف { كَمَا أَتَمَّهَا على أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إبراهيم وإسحاق } وأكرمهما بالنبوة ، وثبتهما على الإسلام .

قال الزجاج وقد فسّر له يعقوب الرؤيا ، فالتأويل أنه لما قال يوسف : { إِنّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا } تأول لأحد عشر نفساً لهم فضل وأنهم يستضاء بهم ، لأن الكواكب لا شيء أضوء منها ، وتأول الشمس والقمر أبويه ، فالقمر الأب ، والشمس الأم ، والكواكب إخوته ، فتأول ليوسف أنه يكون نبياً ، وأن إخوته يكونون أنبياء ، لأنه أعلمه أن الله تعالى يتم نعمته عليه ، وعلى إخوته ، كما أتمها على أبويه إبراهيم وإسحاق . ويقال : { كَمَا أَتَمَّهَا على أَبَوَيْكَ } حين رأى إبراهيم في المنام ذبح ابنه ، فأمره الله تعالى أن يفديه . وروي عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أنه كان يجعل الجد أباً ، ثم يقرأ هذه الآية : { كَمَا أَتَمَّهَا على أَبَوَيْكَ } ثم قال : { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } يعني : عليم بما صنع به إخوته ، { حكيم } بما حكم من إتمام النعمة عليه .