نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَكَذَٰلِكَ يَجۡتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ ءَالِ يَعۡقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَىٰٓ أَبَوَيۡكَ مِن قَبۡلُ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (6)

ولما علم يعقوب عليه الصلاة والسلام من هذه الرؤيا ما سيصير إليه ولده من النبوة والملك قال : { وكذلك } أي قد اجتباك ربك للإطلاع على هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرف وعز ، ومثل ما اجتباك{[40585]} لها { يجتبيك } أي يختارك ويجمع لك معالي{[40586]} الأمور { ربك } المربي لك بالإحسان للملك والنبوة { ويعلمك من } أي{[40587]} بعض { تأويل الاحاديث } من{[40588]} الرؤيا وغيرها من كتب الله وسنن الأنبياء وغوامض ما تدل عليه المخلوقات الروحانية والجسمانية ، لأن الملك والنبوة لا يقومان إلا بالعلم والتأويل المنتهي الذي يصير إليه المعنى ، وذلك فقه الحديث الذي هو حكمة لأنه إظهار ما يؤول إليه أمره مما عليه معتمد فائدته{[40589]} ، وأكثر استعماله في الرؤيا { ويتم نعمته } بالنبوة { عليك } بالعدل ولزوم المنهج السوي { وعلى آل يعقوب } أي جميع إخوتك ومن أراد الله من ذريتهم ، فيجعل نعمتهم في الدنيا موصولة{[40590]} بنعمة الآخرة ، لأنه عبر عنهم في هذه الرؤيا بالنجوم المهتدى بها ، ولا يستعمل الآل إلا فيمن له خطر وشرف ، وإضافته مقصورة على إعلام الناطقين ، قال الراغب : وأما آل{[40591]} الصليب إن صح نقله فشاذ{[40592]} ، ويستعمل فيمن لا خطر له الأهل { كما أتمها على أبويك } .

ولما كان وجودهما لم{[40593]} يستغرق الماضي ، أدخل الجار فقال : { من قبل } أي من{[40594]} قبل هذا الزمان ؛ ثم بين الأبوين بجده وجد أبيه فقال : { إبراهيم } أي بالخلة وغيرها من الكرامة { و } ولده { إسحاق } بالنبوة وجعل الأنبياء والملوك من ولده ، وإتمام النعمة : الحكم{[40595]} بدوامها على خلوصها من شائب فيها بنقصها .

ولما كان ذلك لا يقدر عليه إلا بالعلم المحيط بجميع{[40596]} الأسباب ليقام منها ما يصلح ، والحكمة التي بها يحكم{[40597]} ذلك السبب عن أن يقاومه سبب غيره ، وكان السياق{[40598]} بالعلم أولى{[40599]} لما ذكر من علم التأويل مع ما تقدم من قوله آخر تلك

{ ولله غيب السماوات{[40600]} والأرض{[40601]} }[ هود : 123 ] الآية{[40602]} وما{[40603]} شاكل ذلك أول هذه ، قال : { إن ربك عليم } أي بليغ{[40604]} العلم { حكيم * } أي بليغ{[40605]} الحكمة ، وهي وضع الأشياء في أتقن مواضعها .


[40585]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: اجتبيناك.
[40586]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: معاني.
[40587]:سقط من ظ.
[40588]:زيد من ظ و م ومد.
[40589]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فاسدته.
[40590]:في مد، موصلة.
[40591]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: آلي.
[40592]:في مد: فساد.
[40593]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لما.
[40594]:زيد من ظ.
[40595]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بالحكم.
[40596]:من م، وفي الأصل و ظ ومد: لجميع.
[40597]:زيد من م ومد.
[40598]:في ظ: القياس.
[40599]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أول.
[40600]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[40601]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[40602]:123 من هود.
[40603]:في ظ: لما.
[40604]:في مد: بالغ.
[40605]:في مد: بالغ.